الرحمة هاهنا بمعنى المَطَر.
قال : وقال بعضهم : هذا ذُكِّر ليُفصَل بين القريب من القُرْب والقريبِ من القرابة ، وهذا غلطٌ ، كلُّ ما قَرُب في مكانٍ أو نَسَب فهو جارٍ على ما يصيبُه من التّذكير والتأنيث.
وأخبرني المنذري عن الحراني عن ابن السكيت قال : تقول العرب : هو قريبٌ مني ، وهما قريبٌ منّي ، وهم قريبٌ مني ، وكذلك المؤنث هي قريبٌ منّي وهي بَعيدٌ مني وهما بعيدٌ وهم بَعيد ، فتوحِّد قريباً وتُذَكره ، لأنه وإن كان مرفوعاً فإنه في تأويلِ هو في مكانٍ قريبٍ مني.
قال الله جل وعز : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : ٥٦]. وقد يجوز قريبة وبعيدة بالهاء ، تبنيها على قرُبت وبَعُدَتْ. فمن أنثها في المؤنث ثَنَّى وجَمَع.
وأنشد :
لياليَ لا عَفْراء منك بعيدةٌ |
فتسلو ولا عَفْراءُ مِنك قريبُ |
أبو عبيد عن الأحمر : الخيْل المُقْرَبة : التي تكون قريباً مُعَدَّةً ، ويقال : هي التي تُدْنى وتُقَرَّب وتكرَّم.
وقال شمر : الإبل المُقْرَبة التي حُزِمَتْ للركوب ، قالها أعرابيّ مِن غَنِيّ.
قال : والمُقْرَبات من الخيل : التي قد ضُمِّرَت للركوب.
وقال أبو سعيد : الإبل المُقْرَبة : التي عليها رِحلٌ مُقْرَبة بالأدَم ، وهيَ مَراكبُ المُلوك.
قال : وأنكر الأعرابي هذا التفسير.
وقال الليث : أقرَبتِ الشاةُ والأتَانُ فهي مُقْرِب ، ولا يقال للنَّاقة إلّا إذا أَدْنَتْ فهي مُدْنٍ.
أبو عبيد عن العَدَبَّس الكنانيّ : جميع المُقْرب من الشاءِ مَقاريب ، وكذلك هي مُحدِث وجمعُها مَحاديث. والقِريب : السّمَك المملَّح ما دام في طَراءته.
ويقال : قد حَيّا وقَرَّب : إذا قال حيَّاك الله وقرب دارك.
وفي أحاديث المَبعث : خرج عبد الله بن عبد المطلب ذات يومٍ متقرباً متخصّراً بالبَطْحاء فبَصُرتْ به لَيلى العَدَوِية».
وقوله : متقرباً ، أي : واضعاً يدَه على قُربه وهو يَمشي.
وفي حديث آخر : «ثلاثٌ لَعِيناتٌ : رجلٌ عَوّرَ الماءَ المَعِين المُنْسَاب ، ورجل عَوّر طريقَ المَقْربة ، ورجل تَغَوَّط تحت شجرة»
. قال أبو عمرو : المَقربة : المنزل ، وأصلُه من القَرب وهو السّير.
وقال الراعي :
في كلّ مَقْرَبَةٍ يَدَعْن رَعِيلا
وجمعُها مَقارب. والقَرب : سَير الليل.