عن مسروق عن عائشة : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا ثقل إنسان من أهله مسحه بيده اليمنى ثم يقول : «أذهِب الباس ربَّ الناس ، واشف وأنت الشافي لا شافيَ إلّا شِفاك ، شفاء لا يغادر سُقماً».
قالت عائشة : فلما ثقُل أخذتُ بيده اليمنى فجعلت أمسحه وأقولهنّ ، فانتزع يدَه مني وقال : «اللهمّ اغفر لي ، واجعلني من الرَّفيق».
وقوله : «من الرفيق» يدلّ على أنّ المراد بالرفيق جماعةُ الأنبياء.
قال شمر : قال أبو عدنان : قوله : «اللهمَّ ألْحِقْني بالرَّفيق الأعلى».
سمعت أبا الفهد الباهليَّ يقول : إنّه تبارك وتعالى رَفيق وَفيق (١) ، فكان معناه : أَلْحِقني بالرفيق ، أي : بالله.
قلت : والعلماءُ على أنَّ معناه : أَلْحِقْني بجماعة الأنبياء ، والله أعلم بما أراد.
ويقال للمتطبِّب : مترفِّق ورَفيق. وكُره أن يُقال طبِيب ، في خبرٍ وَرَد عن النبي عليهالسلام.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : ناقةٌ رَفْقاء ، وهو أن يَستَدَّ إحْليلُ خِلْفها.
وقال شمر : قال زَيد بن كُثْوَة : إذا انسدَّ أحاليلُ الناقة قيل : بها رَفَق ، وناقة رَفيقة ، وهو حرفٌ غريب.
وقال الليث : المِرفاق من الإبل : التي إذا صُرَّتْ أوجَعَها الصِّرار ، فإذا حُلِبَتْ خرج منها دمٌ وهي الرَّفِقَة.
وقال الفرّاء في قوله : (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً) [الكهف : ١٦] ، كسره الأعمش والحسن ، يعني الميم من مِرْفق.
قال : ونَصَبَها أهلُ المدينة وعاصم ؛ فكأَنَّ الذين فتحوا الميم وكسروا الفاء أرادوا أنْ يفرقوا بين المَرْفَق من الأمر وبين المِرْفَق من الإنسان.
قال : وأكثر العرب على كسر الميم من الأمر ومِن مِرفق الإنسان. والعرب أيضاً تفتح الميم من مَرْفِق الإنسان لغتان في هذا. وفي هذا.
وقال الأخفش في قوله : (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً) ، وهو ما ارْتفَقْتَ به.
ويقال : مَرْفِق الإنسان.
وقال يونسُ : الذي أختار المِرْفَق في الأمر ، والمِرْفق في اليد.
وقال جلّ وعزّ : (نِعْمَ الثَّوابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً) [الكهف : ٣١].
قال الفراء : أنّث الفعل على معنى الجنة ، ولو ذكّر كان صواباً.
وأخبرني المنذريُّ عن الحَرَّاني عن ابن
__________________
(١) كذا في «اللسان» و «التاج» (رفق) وفي المطبوع : «ورفيق».