الثاني : القصد إليها ، فالهائم وطالب الآبق لا يقصران ، وان زاد سفرهما ، ويقصران في الرجوع مع البلوغ.
______________________________________________________
قال الشارح : ومثله لو بلغ الصبي في الأثناء ، وفيه تأمل ، لأنه الآن كلف ، فابتداء السفر مع التكليف من الآن ، وهذا هو السفر الموجب للقصر مع عدم كونه مسافة شرعية ، بخلاف الأول ، فإنه هناك انكشف ، وظهر كون السفر الذي يقطعه بقصده واختياره ، مسافة موجبة للقصر بعد ما لم يكن منكشفا وظاهرا ، فتأمل هذا.
واما حال البينتين فواضحة ، فكل منهما مكلف بما يشهد به ، وهل يجوز اقتداء كل واحدة بالأخرى فالظاهر الجواز ، لصحة صلاة واحدة عند الكل ، وان ذلك فرضه يقينا ، وقد مر له نظير ، فتذكر.
قوله : «الثاني ، القصد إليها إلخ» قال في المنتهى : والقصد للمسافة شرط للقصر ، فالهائم (١) لا يترخص : وكذا لو قصد ما دون المسافة ، ثم قصد ما دونها دائما ، لم يقصر ذاهبا ، ولو قطع أضعاف المسافة : ولو عاد طالبا منزله قصر إن بلغ الحد ، والا فلا ، وهو قول أهل العلم : فدليل الشرط الثاني هو الإجماع.
ويمكن ان يقال أيضا : المسافة معتبرة ، ولا تتحقق الا بالقصد أو الفعل ، وهو ليس بشرط ، فيكون بالقصد.
واستدل برواية رجل عن صفوان قال : سألت الرضا عليه السلام عن رجل خرج من بغداد يريد ان يلحق رجلا على رأس ميل ، فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان ، وهي أربعة فراسخ من بغداد ، أيفطر إذا أراد الرجوع ويقصر؟ قال : لا يقصر ولا يفطر ، لانه خرج من منزله وليس يريد السفر ثمانية فراسخ ، انما خرج يريد ان يلحق صاحبه في بعض الطريق ، فتمادى به السير الى الموضع الذي بلغه ، ولو انه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا وجائيا لكان عليه ان ينوي من الليل سفرا
__________________
(١) اى ذهب لا يدرى اين يتوجه والهائم المتحير ، المنجد