والحاصل : أنّه كما أنّ التشكيك في تحقّق الاستدامة الحكميّة يوجب الشكّ في تحقّق مجموع الصوم ، فالتشكيك في زوال حكم القطعة الصحيحة من الصوم يقيناً يوجب الحكم ببقاء حكمه.
فتأمّل في ذلك حتّى تعرف أنّ مراد بعضهم حيث حكم بأنّ قصد الإفطار وإن نافى النيّة لكن لا ينافي حكمها ، لعلّه كان ذلك يعني العمل على حكم اليقين كما يستفاد من الأخبار الدالّة على عدم جواز نقض اليقين بالشكّ ، فإنّ المراد فيها حكم اليقين ؛ لبداهة استحالة اجتماع نفس اليقين والشكّ ، وليس مراده الاستدامة الحكميّة حتّى يصير مورداً للاعتراض بثبوت التنافي ، مع أنّك قد عرفت إمكان الدفع على ذلك أيضاً.
وأمّا المسألة الثانية : فالظاهر أنّه لا يمكن القول بجواز اجتماع إرادة الضدّين للعاقل العارف المتفطّن لكونهما ضدين ، عقليين كانا أو شرعيين ، بل إنّما يمكن مع الجهل والغفلة ، أو بأن يراد من إرادة أحدهما الشهوة (١) ، ومن الأُخرى الإرادة الحقيقية ، وكلاهما خارجان عن موضوع المسألة ، فإنّ الكلام فيمن يعلم أنّه صائم وينوي الإفطار ، ويعلم تضادّ الإفطار وعدم الصوم معه.
فالمراد أنّه إذا ارتفع الجزم السابق الذي تحقّق بالنيّة بسبب العزم على الإفطار فهل يبطل أم لا؟ وهذا ليس من الاجتماع في شيء حتّى يتفرّع على جواز اجتماع الإرادتين.
وأمّا صدور الإرادتين منه في الوقتين فحصوله بديهي ، فلا معنى للخلاف فيه ، إنّما الكلام في أنّ أثر الإرادة الأُولى (٢) وحكمها هل يرتفع بالثانية أم لا ، وهذا لا دخل له في اجتماع الإرادتين وعدمه ، وقد عرفت التفصيل.
إذا عرفت هذا ظهر لك الفرق بين العبادات في نيّة الخروج وقصد المبطل ، ففي شيء منها لا يضرّ قصد الخروج والمبطل في ثاني الحال.
__________________
(١) في «م» : الشهرة.
(٢) في «م» : الأوّل.