مما لا نزاع فيه.
فوجه الشرطيّة : أنّه بدل عن النيّة ؛ لتعسّر استحضارها في الجميع أو تعذّره ، فكما أنّ النيّة في الابتداء شرط ، فكذلك بدلها.
ووجه العدم : تحقّق العبادة وانعقادها بالنيّة ابتداء ، والأصل عدم شرطيّة استمرار الحكم ، وإن كان وجوب العزم على البقاء مستفاداً من أحكام الإيمان.
وثانيتهما : أنّ إرادَتي الضدّين متضادتان بالذات أو بالعرض أو لا ، فيبطل على الأوّل دون الثاني.
فقيل بالأوّل ؛ لأنّ إرادة أحدهما مستلزمة لكراهة الاخر أو نفسها ، ولا تجامع كراهة الشيء مع إرادته ، فتتنافى الإرادتان.
وقيل بمنع ذلك ؛ ولو سلّم فهو الضدّ العقلي دون الشرعي.
أقول : أمّا المسألة الأُولى : فقد عرفت أنّ التحقيق عدم ثبوت الشرطيّة ؛ لمنع البدليّة أوّلاً ، بل هو واجب على حدة ، ومنع لزوم مساواة البدل للمبدل في جميع الأحكام ، ومنع منافاة قصد الإفطار للاستمرار ، إنّما المنافي هو جعل نفسه خارجاً عن العبادات ، وإيجاد جزء منها بقصد الغير ، هذا كلّه مع المعارضة بالاستصحاب والأخبار المتقدّمة.
وقد أورد في المختلف : بأنّه لو لم تكن المنافاة ثابتة ، يلزم أن يكون من أصبح في اليوم الثاني بنيّة الإفطار ورفض الصوم صومه صحيحاً من أجل نيّة أوّل الليلة من الشهر على القول بإجزائه (١).
وردّه الشهيد رحمهالله بأنّ الخصم يلتزمه ؛ إذ لا يجب عنده تجديد النيّة لكلّ يوم ؛ لأنّ النيّة السابقة للصوم بأجمعه (٢).
أقول : وهو حسن إن لم يجعل نفسه في الصبح غير صائم ، أو أمسك مرائياً كما تقدّم ذكره.
__________________
(١) المختلف ٣ : ٣٩٥.
(٢) غاية المراد ١ : ٣٢٦.