أنّه يستحق العقاب على ترك أُمور يجزئ بعضها عن بعض ، فكل واحد من خصال المخيرة يوصف بالوجوب دفعة ؛ وأمّا المرتّبة فلا.
ويجب الاستغفار هنا مع صوم الثمانية عشر يوماً ، وكذا في كلّ موضع ينتقل إلى الثمانية عشر يوماً توبة لا كفّارة.
والفرق بين الاستغفار الذي هو توبة والذي هو كفّارة : إنّ الاستغفار الذي هو كفّارة يجوز أن يكون عن بعض الأُمور دون البعض إجماعاً ، وأما التوبة ففيها الخلاف ، وكتب محمّد بن المطهر ، انتهت الحاشية.
أقول : قد ظهر مما بيّناه أنّ مراد الفقهاء من هذه العبارة موافقاً لما ورد في الكتاب والسنة هو مطلق الوجوب ، الأعم من المطلق والمشروط ، والعيني والتخييري ، والترتيبي ، وليس المراد بالعجز العجز بعد القدرة ، بل الأعمّ كما مرّ.
فنقول : إنّ فاقد جميع الخصال والعاجز عنها يصدق عليه أنّه وجب عليه الصيام وعجز عنه ، سيّما بملاحظة رواية أبي بصير.
فقوله رحمهالله : «وإذا عجز عن الشهرين انتقل إلى الإطعام» ، مراده أنّه حينئذٍ ليس مكلّفاً بالصيام ، إذ هو سقط بسبب العجز وانتقل إلى الإطعام.
ويرد عليه : أنّ الانتقال إلى الإطعام إنّما هو إذا استمرّ عدم القدرة على الصيام وقدر على الإطعام ، وأما إذا لم يقدر على الإطعام فانتقاله إليه ممنوع ، وإلا لما وجب عليه الصيام بعد حصول القدرة عليه أيضاً إذا كان التكليف قد انتقل إلى الإطعام ، فحين العجز عن الكلّ يتساوى الكلّ في صدق العجز عنها ، ولا يختص بالإطعام ؛ بتقريب أنّه آخر المراتب ، فيصدق عليه أنّه تعلّق به حكم وجوب الصيام في الجملة ، وأنّه عجز عنه ، فيتمّ كون الثمانية عشر بدلاً عن الصيام حينئذٍ.
قوله رحمهالله : «ولو عجز عن الشهرين وتمكن من الإطعام ثمّ عجز عنه» إلى أخره ، مراده أنّه حينئذٍ استقرّ عليه الإطعام ويتعيّن عليه ، فإذا عجز عنه بعد القدرة فهذا عاجز عمّا وجب عليه من الإطعام ؛ لعدم وجوب الصيام عليه حتى يكون