مع أنّه قلّما يوجد ارتفاع الشكّ ؛ إذ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود ، سيّما بعد ملاحظة هجر القواعد الرصدية في الشرع ، وهذا هو الظاهر من كلمات الأصحاب.
الثاني : الظاهر من الأخبار الواردة في استحباب صوم الشكّ أنّ العلّة فيها إدراك صوم رمضان والتوفيق له في نفس الأمر فيستحب الصوم لأجل أن لا يفوت هذا اليوم منه في نفس الأمر ، فلاحظ الأخبار ، فإنها منادية بذلك.
فمراد أكثر الأصحاب من استحبابه بعد ما أجمعوا على استحباب صوم شعبان ، وذكروا استحباب صوم الثلاثة الأيام في آخره ، ووصل شعبان برمضان ، ونقلوا الأخبار الدالة على ذلك ، ثم عنونوا الكلام في صوم يوم الشك ، ينبغي أن تكون الحكمة في استحبابه بالخصوص هو استحبابه لأجل إدراك صوم رمضان والتوفيق له ، ولا مانع في العقل والشرع أن يكون لشيء واحد فضيلتان من جهتين.
فنظر المشهور إلى أنّ احتمال كونه من رمضان لا ينتفي بسبب الصحو وعدم الرؤية وعدم الأمارات الرصديّة ، ونظر المفيد إلى عدم الاعتداد بالاحتمال الضعيف ، ولذلك قال : «حينئذٍ ليس هناك شك».
فينبغي أن لا يمنع المفيد استحبابه من جهة أنّه آخر شعبان شرعاً ، بل إنّما يقول بالكراهة لأجل أنّ الاعتداد بالاحتمال الضعيف في إدراك التوفيق لصوم رمضان ليس مما يستند إليه في الحكم الشرعي ؛ لأنّه حينئذٍ متشبّه بمن يعتد بغير أمارة شرعية ، ولذلك اشترط عدم تقدّم الصيام ، فإنّ من كان يصوم قبل ذلك ويستمرّ فيه إلى الأخر لا يتوهّم فيه أنّه صام لأجل الاعتماد على ما لا يجوز الاعتماد عليه ، ويضمحلّ هذا الاحتمال في جنب داعية الاستمرار على العمل ، وعلى هذا فيشبه أن يكون النزاع لفظياً.
وكيف كان فالمذهب هو المشهور ، فالأحسن على ما ذكرنا الاستدلال بخصوص ما ورد في يوم الشكّ ، وأنّه لأجل التوفيق لصوم رمضان ، ولأنّه فرار بدينه ونحو ذلك