شحيح لا أكاد أخرج من يدى شيئا ؛ فقال ابن مسعود : ليس ذاك الذي ذكر الله تعالى ، إنما الشح أن تأكل مال أخيك ظلما ، ولكن ذلك البخل ، وبئس الشيء البخل ـ ففرق بين الشح والبخل.
وليس المراد من تقوى الشحّ الجود بكل ما يملك ؛ فقد روى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «برئ من الشح من أدى الزكاة ، وقرى الضيف ، وأعطى فى النائبة».
(وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) أي والتابعون للفريقين بالإحسان إلى يوم القيامة يقولون : ربنا اغفر لنا ذنوبنا ، واغفر لإخواننا فى الدين الذين سبقونا بالإيمان.
قال ابن أبى ليلى : الناس على ثلاث منازل : المهاجرين ، والذين تبوءوا الدار والإيمان ، والذين جاءوا من بعدهم ، فاجتهد ألا تخرج من هذه المنازل.
وفى هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة رضى الله عنهم أجمعين ، لأنه جعل لمن بعدهم حظا فى الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم ، ومن أبغضهم أو أبغض واحدا منهم أو اعتقد فيهم شرا فلا حق له فى الفيء.
وإنما بدءوا فى الدعاء بأنفسهم لقوله صلى الله عليه وسلم : «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول».
(وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) أي ويدعون الله ألا يجعل فى قلوبهم حسدا وحقدا للمؤمنين جميعا.
والحقد والحسد هما رأس كل خطيئة ، وينبوع كل معصية ، فهما يوجبان سفك الدماء والبغي والظلم والسرقة ، وسائر أنواع الفجور.
ونحو الآية قوله فى سورة براءة «وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»