الصالح الذي ينجيهم من عقابه ، فضلوا ضلالا بعيدا ، فجازاهم بما هم له أهل ، وما هم مستحقون ، جزاء وفاقا لما دسّوا به أنفسهم وأوقعوها فى المعاصي والآثام ، ومن ثم حكم عليهم بالهلاك فقال :
(أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي أولئك هم الذين خرجوا من طاعة الله فاستحقوا عقابه يوم القيامة.
ونحو الآية قوله تعالى : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ، وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ».
خطب أبو بكر فقال : أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجل معلوم؟ فمن استطاع أن يقضى الأجل وهو فى عمل الله عزّ وجل فليفعل ، ولن تنالوا ذلك إلا بتوفيق الله عز وجل ، إن قوما جعلوا آجالهم لغيرهم فنهاكم الله عز وجل أن تكونوا أمثالهم فقال : «وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ» أين من تعرفون من إخوانكم؟ قدموا على ما قدّموا فى أيام سلفهم ، وخلوا بالشّقوة والسعادة ، أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن ، وحصنوها بالحوائط؟ قد صاروا تحت الصخر والآبار ، هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه ، فاستضيئوا منه ليوم ظلمة ، واستضيئوا بسنائه وبيانه. إن الله أثنى على زكريا وأهل بيته فقال تعالى : «إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ» لا خير فى قول لا يراد به وجه الله ، ولا خير فى مال لا ينفق فى سبيل الله ، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه ، ولا خير فيمن يخاف فى الله لومة لائم.
ثم وازن بين من يعمل الحسنات ، ومن يجترم السيئات فقال :
(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) أي لا يستوى الذين نسوا الله فاستحقوا الخلود فى النار ، والذين اتقوا الله فاستحقوا الخلود فى الجنة.