(وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) أي واخشوا الله ربكم ، فلا تعصوه فيما أمركم به من الطلاق لعدتهن ، وفى القيام بما للمعتدات من حقوق.
وفى وصفه تعالى بالربوبية مبالغة فى وجوب الامتثال لأمره ، لما فى لفظ الرب من التربية التي هى الإنعام والإكرام على ضروب لا حصر لها.
ثم بيّن بعض هذه الحقوق فقال :
(لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ) أي لا تخرجوا المعتدات من المساكن التي كنتم تساكنونهن فيها قبل الطلاق ، غضبا عليهن أو كراهة لمساكنتهن أو لحاجة لكم إلى المساكن ، لأن تلك السكنى حق الله تعالى أوجبه للزوجات ، فليس لكم أن تتعدوه إلا لضرورة ، كانهدام المنزل أو الحريق أو السيل أو خوف الفتنة فى الدين.
(وَلا يَخْرُجْنَ) أي لا تأذنوا لهن فى الخروج إذا طلبن ذلك ، ولا يخرجن بأنفسهن إن أردن ، إذ السكنى فى البيوت حق الشرع ، فلا يسقط بالإذن ، فإن خرجن ليلا أو نهارا كان ذلك الخروج حراما ولا تنتهى العدة.
ثم استثنى من لزوم المكث فى البيوت ما إذا دعت الضرورة إلى الإخراج فقال :
(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) أي لا يخرجن إلا إذا فعلن ما يوجب حدّا من زنا أو سرقة أو غيرهما كما أخرجه عبد بن حميد عن سعيد بن المسيّب ، أو يبذون على الأحماء أو الأزواج ، فيحل إخراجهن من بيوتهن لبذائهن ، وسوء خلقهن ، أو خرجن متحولات عن منازلهن اللاتي يجب عليهن أن يكملن العدة فيها ، فأىّ ذلك فعلن فللأزواج إخراجهن من البيوت ، لإتيانهن بالفاحشة الواضحة التي ارتكبنها.
(وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أي هذه الأمور التي بينتها لكم من الطلاق للعدة ، وإحصاء العدة ، والأمر باتقاء الله ، وألا تخرج المطلقة من بيتها إلا أن تأتى بفاحشة مبينة ـ هى حدود الله التي حدها لكم ، فلا تتعدوها.
ثم بين عاقبة تجاوز تلك الحدود فقال :