المعنى الجملي
بعد أن ذكر المضلين من المنافقين ، وبيّن أن ما يقولون غير ما يبطنون ، وأن مثلهم كمثل الشيطان فى الإغواء والإضلال ، ثم أعقبه بذكر الضالين من بنى النضير وكيف خدعوا بتلك الوعود الخلّابة التي كانت عليهم وبالا ونكالا ، وكان فيها سوء حالهم فى دنياهم ودينهم ـ شرع ينصح المؤمنين بلزوم التقوى ، وأن يعملوا فى دنياهم ما ينفعهم فى أخراهم حتى ينالوا الثواب العظيم ، والنعيم المقيم ، وألا ينسوا حقوق الله ، فيجعل الرين على قلوبهم ، فلا يقدموا لأنفسهم ما به رشادهم وفلاحهم.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) فافعلوا ما به أمر ، واتركوا ما عنه نهى وزجر (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) أي ولتنظروا ماذا قدمتم لآخرتكم مما ينفعكم يوم الحساب والجزاء ، يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكنهم من توقع العذاب حيارى.
(وَاتَّقُوا اللهَ) تكرير للتوكيد ، لما يستدعيه الحال من التنبيه والحث على التقوى التي هى الزاد فى المعاد.
ثم وعد وأوعد وبشر وأنذر فقال :
(إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) أي إنه تعالى عليم بأحوالكم لا يخفى عليه شىء من شئونكم ، فراقبوه فى جليل أعمالكم وحقيرها ، واعلموا أنه سبحانه سيحاسبكم على النقير والقطمير ، والقليل والكثير ، ولا يفوته شىء من ذلك.
ثم ضرب لهم الأمثال تحذيرا وإنذارا فقال :
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ) أي ولا يكن حالكم كحال قوم تركوا العمل بحقوق الله التي أوجبها على عباده ، فران على قلوبهم وأنساهم العمل