فأنى للقلب أن يهتدى ، وللعقل أن يرعوى ، وماذا تفيد الآيات والنذر عن قوم لا يعقلون؟
ثم ذكر هنة أخرى لهم فقال :
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا) أي هم الذين يقولون للأنصار : لا تطعموا محمدا وأصحابه حتى تصيبهم مجاعة ، فيتركوا نبيهم حين يعضّهم الجوع بنابه.
ثم رد عليهم وخطّأهم فيما يقولون فقال :
(وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ولله جميع ما فى السموات والأرض من شىء ، وبيده مفاتيح أرزاق العباد ، لا يقدر أحد أن يعطى أحدا شيئا إلا بمشيئته.
(وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ) ذلك لجهلهم بسنن الله فى خلقه ، وأن الله قد كفل الأرزاق لعباده فى أي مكان كانوا متى عملوا وجدوا فى الحصول عليها.
ثم ذكر هنة ثالثة لهم وهى أعظمها فقال :
(يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) أي يقول عبد الله ابن أبىّ ومن يلوذ به من صحبه : لئن عدنا إلى المدينة لنخرجنكم منها أيها المؤمنون فإننا الأقوياء الأشداء الأعزاء ، وأنتم الضعفاء الأذلاء.
ثم رد عليهم مقالهم فقال :
(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) أي ولله الغلبة والقوّة ، ولمن أعزه الله من الرسول والمؤمنين.
روى «أن عبد الله بن عبد الله بن أبىّ ، وكان مؤمنا مخلصا ، سلّ سيفه على أبيه عند ما أشرفوا على المدينة وقال : لله علىّ ألا أغمده حتى تقول : محمد الأعز وأنا الأذل ، فلم يبرح حتى قال ذلك».
وروى «أنه وقف واستل سيفه وجعل الناس يمرون عليه حتى جاء أبوه فقال : وراءك ، قال مالك ويلك؟ قال والله لا تجوز من هنا حتى يأذن لك رسول الله