الأمرين ، بأن الغنيمة تكون فيما أتعبتم أنفسكم فى تحصيله وأوجفتم عليه الخيل والركاب ، والفيء فيما لم تتحملوا فى تحصيله تعبا ، وحينئذ يكون أمره مفوّضا إلى الرسول يضعه حيث يشاء.
الإيضاح
(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) أي ما صيره الله إلى رسوله من أموال بنى النضير فهو لله ورسوله ، ولا يجعل غنيمة للجيش يقسم تقسيم الغنائم ، لأنه لم تقاتل فيه الأعداء بالمبارزة والمصاولة ، بل نزلوا على حكم الرسول فرقا ورعبا ، ولهذا يصرف فى وجوه البر والمنافع العامة التي ذكرها الله فى هذه الآيات.
أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن عمر بن الخطاب قال : «كانت أموال بنى النضير مما أفاء الله تعالى على رسوله خاصة ، فكان ينفق على أهله منها نفقة سنة ، ثم يجعل ما بقي فى السلاح والكراع عدّة فى سبيل الله تعالى».
(وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) أي ولكن جرت سنة الله أن يسلط رسله على من يشاء من أعدائه ويقذف الرعب فى قلوبهم ، فيستسلمون لهم بلا قتال ولا مصاولة ، كما سلط محمدا صلى الله عليه وسلم على هؤلاء فنزلوا على حكمه دون اقتحام مضايق الخطوب ، ولا مقاومة شدائد الحروب ، فلا حق للمقاتلة فى الفيء بل يكون أمره مفوضا إلى الرسول يصرفه كيف شاء ، ولا يقسمه تقسيم الغنائم.
(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيفعل ما يشاء كما يشاء ، تارة على ما يعهد من السنن وأخرى على غير ما يعهد منها كما جرى لبنى النضير من استسلامهم بلا قتال على