إذا أرادوا فعلا : عسى أن نفعل كذا ، وإشعارا بأن ذلك تفضل منه سبحانه ، والتوبة غير موجبة له ، وأن العبد ينبغى أن يكون بين خوف ورجاء ، وإن بالغ فى إقامة وظائف العبادة.
ثم بين ما يكون للنبى والذين آمنوا معه من علامات الظفر والفوز بالمطلوب فقال :
(نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) أي نورهم يسعى بين أيديهم حين يمشون وبأيمانهم حين الحساب ، لأنهم يؤتون الكتاب بأيمانهم وفيه نور وخير لهم.
ثم بين ما يطلبونه من ربهم فقال :
(يَقُولُونَ : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا) أي يسألون ربهم أن يبقى لهم نورهم فلا يطفئه حتى يجوزوا الصراط ، حين يقول لهم المنافقون والمنافقات : انظرونا نقتبس من نوركم ، وقد تقدم نحو هذا فى سورة الحديد ، ويطلبون أيضا منه أن يستر عليهم ذنوبهم ، ولا يفضحهم بعقوبتهم عليها حين الحساب.
ثم ذكروا ما يطمعهم فى إجابة الدعاء فقالوا :
(إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي إنك على إتمام نورنا ، وغفران ذنوبنا ، وكل ما نرجو منك ونطمع ـ قدير يا ربنا ، فاللهم أجب دعاءنا ، ولا تخيب رجاءنا.
وقد روى أن أدناهم منزلة من يكون نوره بقدر ما يبصر موطئ قدمه ، لأن النور على قدر العمل وروى أن السابقين إلى الجنة يمرون على الصراط مثل البرق ، ويمر بعضهم كالريح ، وبعضهم يحبو حبوا ويزحف زحفا ، وهم الذين يقولون : «ربّنا أتمم لنا نورنا».
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩))