الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) أي أيها الذين صدّقوا الله ورسوله : ليعلم بعضكم بعضا ما تتقون به النار وتدفعونها عنكم ، إنه طاعة الله تعالى وامتثال أوامره ، ولتعلّموا أهليكم من العمل بطاعته ما يقون به أنفسهم منها ، واحملوهم على ذلك بالنصح والتأديب.
ونحو الآية قوله تعالى : «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها» وقوله : «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ».
روى أن عمر قال حين نزلت يا رسول الله : نقى أنفسنا ، فكيف لنا بأهلينا؟ فقال عليه السلام «تنهونهن عما نهاكم الله عنه ، وتأمرونهن بما أمركم الله به ، فيكون ذلك وقاية بينهم وبين النار».
أخرج ابن المنذر والحاكم فى جماعة آخرين عن علىّ كرم الله وجهه أنه قال فى الآية : علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدّبوهم.
والمراد بالأهل ما يشمل الزوجة والولد والعبد والأمة.
وفى الآية إيماء إلى أنه يجب على الرجل تعلّم ما يحب من فرائض الدين وتعليمها لهؤلاء ، وقد جاء فى الحديث : «رحم الله رجلا قال يا أهلاه : صلاتكم ، صيامكم ، زكاتكم ، مسكينكم ، يتيمكم ، جيرانكم ، لعل الله يجمعكم معهم فى الجنة».
(عَلَيْها مَلائِكَةٌ) أي موكّل عليها ويلى أمرها وتعذيب أهلها تسعة عشر ملكا هم زبانيتها الذين سيأتى ذكرهم فى سورة المدثر فى قوله تعالى : «سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ. لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ. لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ. عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ».
(غِلاظٌ شِدادٌ) أي غلاظ على أهل النار أشداء عليهم.