.................................................................................................
______________________________________________________
أمّا الأخيرة : فلضعف السند ، فإنّ عبد المؤمن لم يوثّق ، وقد رويت بطريق آخر هو أيضاً ضعيف ، لمكان عمرو بن شمر.
فالعمدة إنّما هي الصحيحة ، ولكنّها لا تقاوم النصوص المتقدّمة الصريحة في التخيير ، فإنّها انّما تدلّ على الوجوب التعييني بالظهور الإطلاقي كما ذُكِر في الأُصول وتلك قد دلّت على التخيير بالظهور الوضعي على ما تقتضيه كلمة «أو» ، وحملها على التنويع باعتبار اختلاف الحالات أو الأشخاص خلاف الظاهر جدّاً ، فإنّها قد وردت في فرض رجل واحد ، كما أنّها ظاهرة في إرادة حالة واحدة لا حالات عديدة وأطوار مختلفة كما لا يخفى ، ولا ريب في تقديم الظهور الوضعي على الإطلاقي ، ولأجله تُحمَل الصحيحة على الأفضليّة كرواية المشرقي المتقدّمة لو صحّ سندها.
ولو سلّمنا المعارضة بين الطائفتين فالترجيح مع نصوص التخيير ، لمخالفتها مع العامّة كما قيل ، فتُحمَل الصحيحة على التقيّة ، فإن ثبت ذلك كما لا يبعد ، ويؤيّده أنّ العلّامة نسب هذا القول أعني لزوم الترتيب إلى أبي حنيفة والأوزاعي وغيرهما من العامة (١) فهو ، وإلّا فلا يمكن الترجيح بكثرة العدد ، لعدم كونها من المرجّحات ، بل تستقرّ المعارضة حينئذٍ ، والمرجع بعد التساقط الأصل العملي ، ومقتضاه البراءة عن التعيين ، لاندراج المقام في كبرى الدوران بين التعيين والتخيير ، والمقرّر في محلّه أنّه كلّما دار الأمر بينهما في المسألة الفقهيّة يحكم بالتخيير ، لأنّ التعيين كلفة زائدة يُشكّ في ثبوتها زائداً على المقدار أعني : جامع الوجوب فتُدفع بأصالة البراءة.
فتحصّل : أنّ ما هو المشهور من التخيير بين الأُمور الثلاثة هو الصحيح.
__________________
(١) المنتهي ٢ : ٥٧٤.