.................................................................................................
______________________________________________________
الاستصحاب عدم الدخول ، ومن المعلوم أنّ الدخول نسياناً أو بغير اختيار لا أثر له ، لما سيجيء إن شاء الله تعالى من اختصاص قدح استعمال المفطرات بصورة العمد (١) ، فما يُحتمل وقوعه لا يكون مفطراً ، وما هو المفطر وهو المستند إلى العمد لا يحتمل وقوعه حسب الفرض ، فلا قصور في إطلاقات العفو عن تناول المفطر نسياناً أو بغير اختيار وأنّه رزقٌ رزقه الله عن الشمول للمقام.
وليس ترك التخليل موجباً للتفريط الملحق بالعمد قطعاً ، لانصراف الإطلاقات عنه ، إذ هو إنّما يستوجبه في صورة العلم بالترتّب لا مع الاحتمال المحض كما هو محلّ الكلام.
وعلى الجملة : حال البقايا بين الأسنان حال المأكول أو المشروب الخارجي ، فكما لا يجب على الصائم إخراج الكوز الموجود في الغرفة وإن احتمل أنّ بقاءه يؤدي إلى شرب الماء نسياناً أو بغير اختيار بالضرورة ، فكذا لا يجب التخليل في المقام بمناطٍ واحد ، وهو الشكّ في التناول المحكوم بالعدم بمقتضى الاستصحاب ، بعد عدم كون الترك مصداقاً للتفريط كما سمعت ، فتشمله إطلاقات عدم البأس فيما لو تناوله أو ابتلعه بعد ذلك سهواً.
وممّا ذكرنا تعرف وجوب التخليل فيما إذا علم أنّ تركه يؤدّي إلى دخول البقايا في الحلق سهواً أو بغير اختيار ، لما عرفت من كون الترك حينئذٍ مصداقاً للتفريط ، فلا تشمله إطلاقات العفو ، إذ لا يقال حينئذٍ : إنّه رزقٌ رزقه الله ، بعد فرض سبق العلم بالترتّب ، بل لو دخل الحلق بعد ذلك ولو بغير اختياره كان مصداقاً للإفطار الاختياري ، لانتهائه إلى المقدّمة الاختياريّة ، وهي ترك التخليل ، إذ لا يُعتبر الاختيار حال العمل ، فلو ألقى نفسه في الماء من شاهقٍ عالماً بكونه موجباً للارتماس ، أو وضع فمه في مسيل ماء ونام مع العلم باستلزامه
__________________
(١) في ص ٢٦٥.