أمْ تدلّ على الإخلاص ، وحبِّ النّبيِّ صلىاللهعليهوآله والحفظ له ، وصحّة السّيرة؟!
وعلى هذا فلا يعدو الفسقَ والضلال ، وذلك أدنى مناله. فالفاسق ملعونٌ ، ومَن نهى عن شتمِ الملعونِ فملعون (١).
وقال العلاّمة الآلوسي : لا توقّف في لعن يزيد ؛ لكثرة أوصافه الخبيثة ، وارتكابه الكبائر في جميع أيّام تكاليفه ، ويكفي ما فعله أيام استيلائه بأهل المدينة ومكّة ، والطامّة الكبرى ما فعله بأهل البيت عليهمالسلام ، ورضاه بقتل الحسين على جدّه وعليه أفضل الصلاة والسّلام ، واستبشاره بذلك وإهانته بأهل بيته ممّا تواتر معناه.
والذي يغلب على ظنّي أنّ الخبيث لمْ يكُنْ مُصدّقاً بالرسالة ، وأنّ مجموع ما فعله مع أهل حرم اللّه وأهل نبيّه وعترته الطيّبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات ، وما ورد منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقائه ورقة من المصحف الشريف في قذر ، ولا أظنّ أمره خافياً على أجلّة المسلمين إذ ذاك ، ولكن كانوا مغلوبين مقهورين لم يسعهم إلاّ الصبر ، ليقضِ اللّهُ أمراً كان مفعولا.
ولو سُلّم أنّ الخبيث كان مسلماً ، فهو مُسلمٌ جَمعَ من الكبائر ما لا يحيط به نطاق البيان ، وأنا اذهب إلى جواز لعن مثله على التعيين ، ولو لم يُتصوّر أنْ يكون له مَثلٌ من الفاسقين ، والظاهر أنّه لم يتُبْ ، واحتمال توبته أضعف من إيمانهِ.
ويُلحق به ابن زياد وابن سعد وجماعة ، فلعنة اللّه عليهم أجمعين ، وعلى أنصارهم وشيعتهم ومَن مال ميلهم إلى يوم الدِّين ، ما دمعت عينٌ على أبي عبد اللّه الحسين عليهالسلام. ويُعجبني قول شاعر
__________________
(١) رسائل الجاحظ / ٢٩٨ ، الحادية عشر في بني اُمّية.