٣ ـ وإمّا لأجل أنْ يكون غرضه الفوز
بأجر الشهادة بنفسه ، والتجهيز للجهاد بتقديم إخوته ليُثاب أيضاً بأجر الصابرين ، ويحوز
كلتا السّعادتين ، وربما يدلّ عليه ما ذكره أبو الفرج في مقتل عبد اللّه من قول
العبّاس له : تقدّم بين يدَي حتّى أراك قتيلاً واحتسبك. فكان أوّل مَن قُتل من
إخوته.
وذكر أبو حنيفة الدينوري ، أنّ العبّاس
قال لإخوته : تقدّموا بنفسي أنتم ، وحاموا عن سيّدكم حتّى تموتوا دونه. فتقدّموا
جميعاً وقُتلوا.
ولو أراد أبو الفضل من تقديمهم للقتل
حيازة مواريثهم ـ وحاشاه ـ لم يكن لاحتساب أخيه عبد اللّه معنى ، كما لا معنى
لتفديتهم بنفسه الكريمة كما في الأخبار الطوال .
وهناك مانع آخر من ميراث العبّاس لهم
وحده حتّى لو قلنا على بُعدٍ ومنعٍ بوفاة اُمّ البنين يوم الطَّفِّ ؛ فإنّ ولد
العبّاس لم يكنْ هو الحائز لمواريثهم ، لوجود الأطراف وعبيد اللّه بن النّهشلية ؛
فإنهّما يشتركان مع العبّاس في الميراث ، كما يُشاركهم سيّد شباب أهل الجنّة وزينب
العقيلة ، واُمُّ كلثوم ورقيّة ، وغيرهنّ من بنات أمير المؤمنين عليهالسلام ، فكيف والحال هذا
يختصّ العبّاس بالميراث وحده؟!
هذا كُلّه إنْ قلنا بوفاة اُمّ البنّين
يوم الطَّفِّ ، ولكنَّ التاريخ يُثبت حياتها يومئذ وأنّها بقيت بالمدينة ، وهي
التي كانت ترثي أولادها الأربعة.
__________________