الفضيلة ، فناداهم : أين بنو اُختنا؟ أين العبّاس وإخوته؟ فاعرضوا عنه ، فقال الحسين عليهالسلام : «أجيبوه ولو كان فاسقاً».
قالوا : ما شأنك ، وما تُريد؟
قال : يا بني اُختي ، أنتم آمنون ، لا تقتلوا أنفسكم مع الحسين ، والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد.
فقال له العبّاس : لعنك اللّه ولعن أمانك ، تُؤمننا وابن رسول اللّه لا أمان له (١)! وتأمرنا أنْ ندخل في طاعة اللّعناء وأولاد اللعناء. فرجع الشمر مُغضباً (٢).
إنّ هذا الجلف الجافي قد أساء الظنّ بهؤلاء الفتية ، نجوم الأرض من آل عبد المُطّلب ، فحسب أنّهم ممّن يستهويهم الأمن والدّعة ، أو تروقهم الحياة مع أبناء البغايا ، هيهات! خاب الرّجس ففشل ، وأخفق ظنّه ، وأكدى أمله ، ولم يسمع في الجواب منهم إلاّ لعنك اللّه ، وتبّت يداك ، ولُعن ما جئت به.
وحيث إنّ ابن ذي الجوشن يفقد البصيرة التي وجدها أبو الفضل ، والنّفسيّة التي يحملها ، والسّؤدد المُتحلّي به ، والحفاظ اللائح على وجناته طمع أنْ يستهوي رجل الغيرة ويجرّه إلى الخسف والهوان ، والحياة مع الظالمين.
أيظنّ أنّ أبا الفضل ممّن يستبدل النّور بالظُّلمة ، ويستعيض عن الحقّ بالباطل ، ويدع علم النّبوَّة وينضوي إلى راية ابن مرجانة؟!
__________________
(١) الإرشاد للشيخ المفيد ٢ / ٨٩ ، بحار الأنوار ٤٤ / ٣٩١ ، تاريخ الطبري ٤ / ٣١٥ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٥٦.
(٢) مثير الأحزان لابن نما الحلّي / ٤١ ، اللهوف في قتلى الطفوف / ٥٤ ، لواعج الأشجان / ١١٦.