فلا يزداد أثره إلاّ ظهوراً ، وأمره إلاّ علوّاً (١).
وهل بعد هذا يبقى مجال للشكّ في موقفها من الثبات ، ومحلّها من الطمأنينة ومبوِّئها من العظمة؟!
وإنّ حديث الرواة لمّا وقفت على جسد أخيها ، وقالت : اللهمّ ، تقبّل منّا هذا القربان (٢). يدلّنا على تبوّئها عرش الجلالة ، وأنّها المأخوذ عليها الميثاق بتلك النّهضة المُقدّسة كأخيها الحسين عليهالسلام ، وإنْ كان التفاوت محفوظاً بينهم ، حتّى إنّ أحدهما لمّا أتمّ النّهوض بالعهد وخرج عن العدّة بإزهاق نفسه المُطهّرة ، نهض الآخر بما وجب عليه ومنه تقديم (الذبيح) إلى ساحة الجلال الرّبوبي والتعريف به ، ثُمّ طفقت (سلام اللّه عليها) ناهضة ببقيّة الشؤون التي وجبت عليها ؛ ولا استبعاد في ذلك بعد وحدة النّور وتفرّد العنصر.
ثُمّ هلمّ معي لنقرأ موقفها أمام ابن مرجانة ، وقد احتشد المجلس بوجوه الكوفة وأشرافها ، وهي امرأة عزلاء ليس معها إلاّ مريض يعاني ألم القيود ، ونساء ولهى وصبية تئنُّ ، فأفرغت عن لسان أبيها عليهالسلام بكلام أنفذَ من السّهم وأحدَّ من شبا السّيوف ، وألقمت ابن مرجانة حجراً ، إذ قالت له : هؤلاء قومٌ كتب اللّه عليهم القتل ، وسيجمع اللّهُ بينك وبينهم فتُحاج وتُخاصم ، فانظر لمَن الفلج يومئذٍ. هبلتك اُمّك يابن مرجانة (٣)!
وأوضحت للملأ المتغافل خبثه ولؤمه ، وأنّه لنْ يرحض عنه
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٨ / ٥٧ نقلاً عن كامل الزيارات.
(٢) شجرة طوبى / ٣٩٣ ، حياة الإمام الحسين عليهالسلام للقرشي / ٣٠١.
(٣) مثير الأحزان لابن نما الحلّي / ٧١.