على أنّ العقل يرى بداهة لزوم تعيين إمام الشريعة من قبل صاحب تلك الشريعة ، وتعيين الخليفة من قبل نفس المستخلِف ، وتعيين الوصيّ من قبل شخص الموصي .. ولا معنى عقلاً لتصدّي الغير للنصب فضولة.
بل يقبح أن ينصب الغير أحدا إماما ، ثمّ يسلّطه على رقاب المسلمين ، لما عرفت من وقوع الظلم والفساد وحصول التنافر والتشاجر المبغوض عند العقل والعقلاء.
فيتعيّن أن يكون نصب الإمام والخليفة والوصي بيد اللّه تعالى العالم الخبير ، والقادر البصير ، والعارف بصلاح أمرهم وسبيل خيرهم .. وقد خلق الخلق ليرحمهم فينصب الأفضل الأكمل لهم.
واللابديّة الشرعيّة والعقليّة تقضي بأنّ اللّه تعالى قد عيّن الإمام للخليقة ونصبه للرعيّة بواسطة نبيّه الأمين صلوات اللّه عليه وآله أجمعين .. شأن سائر الاُمور التي يحتاجون إليها ممّا قد بلّغ النبي إيّاها .. وإلاّ لكان الدين ناقصا من هذه الجهة ، وحاشا الدين الكامل عن النقص الذي هو بديهي البطلان ومخالف لقول ذاته المقدّسة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الاْءِسْلاَمَ دِينا) (١).
فالحقّ المحقّق هو أنّ اللّه تعالى قد أتمّ الحجّة البالغة وأكمل النعمة السابغة بنصب أمير المؤمنين ثمّ من بعده أولاده الأئمّة المعصومين صلوات اللّه عليهم وعلى اُمّهم الصدّيقة الطاهرة وعلى أبيها سيّد العترة الغرر الميامين .. كما تعرفه في الفصل الآتي.
__________________
(١) سورة المائدة : (الآية ٣).