وعلى مذهبهم فالكلام حادث ، لأنّه مؤلّف من أجزاء مترتّبة متعاقبة في الوجود وكلّ ما هو كذلك فهو حادث.
هذا ؛ ومن المعلوم أنّ الكلام من صفات الفعل فيكون حادثا ، فمثل الصوت الذي أوجده في شجرة موسى لابدّ وأن يكون حادثا ويكون بحدوثه غير مجرّد أيضا شأن سائر المخلوقات ؛ فإنّ الخلقة تساوي الجسميّة.
وعلى الجملة فإيجاد الكلام ناش ء من قدرته الخاصّة الذاتية ، إلاّ أنّ نفس كلامه تعالى حادث محدَث ، ومن صفات الفعل ، بدليل تصريح نفس كلامه المجيد : (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ) (١) كما أفاده في حقّ اليقين (٢).
ثمّ إنّ الدليل على متكلّميته تعالى ثابت قائم من الكتاب والسنّة والعقل :
أمّا الكتاب فآيات كثيرة منها :
١ ـ قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللّه مُوسَى تَكْلِيما) (٣).
٢ ـ قوله تعالى : (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي) (٤).
٣ ـ قوله تعالى : «وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّه إِلاَّ وَحْيا أَوْ مِنْ وَرَاءِ
__________________
(١) سورة الأنبياء : (الآية ٢).
(٢) حقّ اليقين : (ج١ ص٣٣).
(٣) سورة النساء : (الآية ١٦٤).
(٤) سورة الأعراف : (الآية ١٤٣).