كالجبال من الفضّة لفعل ، لكن لا صلاح لهم في ذلك ، لأنّه لو كان فيكون فيها كما ذكرنا سقوط هذا الجوهر عند الناس وقلّة إنتفاعهم به.
واعتبر ذلك بأنّه قد يظهر الشيء الطريف ممّا يحدثه الناس من الأواني والأمتعة فما دام عزيزا قليلاً فهو نفيس جليل آخذ الثمن ، فإذا فشا وكثر في أيدي الناس سقط عندهم وخسّت قيمته ؛ ونفاسة الأشياء من عزّتها» (١).
٢٢ ـ عجائب الخلقة في تركيب النخلة :
«فكّر يامفضّل! في النخل فإنّه لمّا صار فيه اُناث يحتاج إلى التلقيح (٢) جعلت فيه ذكورة للقاح من غير غراس ، فصار الذكر من النخل بمنزلة الذكر من الحيوان الذي يلقّح الاُناث لتحمل وهو لا يحمل.
تأمّل خلقة الجذع (٣) كيف هو فإنّك تراه كالمنسوج نسجا من غير خيوط ممدودة كالسدي ، واُخرى معه معترضة كاللحمة كنحو ما ينسج بالأيدي ، وذلك ليشتدّ ويصلب ولا ينقصف من حمل القنوان الثقيلة ، وهزّ الرياح العواصف إذا صار نخلة ، وليتهيّأ للسقوف
__________________
(١) بحار الأنوار : (ج٣ ص١٢٨).
(٢) التلقيح في النخل يحصل في أعذاق النخيل التي هي على هيئة السنابل المغلّفة بقشرة سميكة تشبه في هيكلها السمكة ، فتُجعل سنابل من الذكور وسط سنابل الاُناث أو يجعل طحين زهر الفحل الجافّ عوض السنبلة الطريّة فيحصل التلقيح.
(٣) الجذع : ساق النخلة ، والقنوان جمع قنا ، والقنو بكسر القاف : العذق وهو من النخل كالعنقود من العنب.