إنّ الإمامة خصّ اللّه عزوجل بها إبراهيم الخليل عليهالسلام بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره فقال : (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاما) فقال الخليل عليهالسلام سرورا بها : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) قال اللّه تبارك وتعالى : (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١).
فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ، ثمّ أكرمه اللّه تعالى بأن جعلها في ذرّيته أهل الصفوة والطهارة فقال : (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقامَ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (٢) فلم تزل في ذرّيته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتّى ورّثها اللّه تعالى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال جلّ وتعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللّه وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ) (٣).
فكانت له خاصّة فقلّدها صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا عليهالسلام ، بأمر اللّه تعالى على رسم ما فرض اللّه ، فصارت في ذرّيته الأصفياء الذين آتاهم اللّه العلم والإيمان ، بقوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالاْءِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللّه إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ) (٤) فهي في ولد علي عليهالسلام خاصّة إلى يوم القيامة ؛ إذ لا نبي بعد محمّد صلىاللهعليهوآله فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟!
إنّ الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء.
__________________
(١) سورة البقرة : (الآية ١٢٤).
(٢) سورة الأنبياء : (الآيتان ٧٢ و ٧٣).
(٣) سورة آل عمران : (الآية ٦٨).
(٤) سورة الروم : (الآية ٥٦).