الثاني
: ما في حقّ اليقين ، وهو أنّه تعالى لو لم يكن قديما ، لم
يكن وجوده واجبا ، فيكون محتاجا ، يعني محتاجا إلى ما يوجده ، تعالى اللّه عن ذلك
فهو الغني بذاته عمّا سواه ، فيكون غنيّا عن الإيجاد وموجودا بالقدم.
الثالث : ما في شرح نهج البلاغة ، وهو أنّ الأجسام كلّها حادثة ، لأنّها
غير خالية عن الحركة والسكون ، وكلّ حادث مفتقر إلى محدِث وخالق له ، وذلك المحدِث
الخالق إمّا ان يكون محدَثا فيحتاج إلى خالقٍ ويتسلسل .. وإمّا أن يكون محدِثا
لنفسه وهو باطل ، فإنّ ما لا يوجد لا يمكن أن يصدر منه الوجود.
فلابدّ أن يكون المحدِث الخالق قديما
أزليّا غنيّا لا بداية لوجوده كما لا نهاية له ، وهو اللّه تعالى.
وأوضح الأدلّة على قدمه تعالى بحكم
العقل الجازم ، هو ما أرشد إليه سيّد الموحّدين وأمير المؤمنين عليهالسلام بقوله :
«الحمد للّه الدالّ على وجوده بخلقه ، وبمحدَث
خلقه على أزليّته ...» .
وكذلك قوله عليهالسلام :
«الدالّ على قِدَمه بحدوث خلقه»
.
فإنّ العقل حينما يرى المخلوقات حوادث
متّصفة بالحدوث يكشف ويحكم بأنّ خالقها قديم أزليّ ، لمباينته مع خلقه ، وعدم
اتّصافه بالصفات التي
__________________