وفي «الشرائع» : (فإن تعذّر المثل المزبور ضمن قيمته يوم الإقباض) .. إلى آخره (١).
هنا مسائل لا بدّ من تعرّضها.
الاولى : يظهر من عبارة «الجواهر» في المقام ـ وإن أنكر ذلك بعد صفحة ـ أنّ المناط في استقرار قيمة المثل على العهدة هو وجود المثل عند استقرار الضمان أوّلا ، وإن كان المثل متعذّرا حين القرار ، بأن لم يكن موجودا من أوّل الأمر لا بأن يطرأ التعذّر فلا يستقرّ قيمة المثل ، بل ينقلب المثلي إلى القيمي (٢).
هذا ؛ ولكن لا يخفى ضعف هذا الكلام ؛ إذ لا إشكال في أنّ المناط في كون الشيء مثليّا إنّما هو جريان العادة أن يوجد له غالبا أفراد مماثلة معه في الصفات الّتي لها المدخليّة في الماليّة كالحنطة ـ مثلا ـ وإن اتّفق أنّه لم يوجد مثله كذلك في بعض الأوقات ، إذ لا إشكال أنّ الحنطة وأمثالها إذا لم يوجد في وقت من الزمان ـ كعام المخمصة وغيرها ـ لم يخرج عرفا عن كونه مثليّا.
وبعبارة اخرى : إنّ تشابه الأفراد وعدمه الموجب لصيرورة الشيء مثليّا وقيميّا إنّما هو تابع لطبيعة الشيء ووجوده الغالبي في نظر العرف ، وأمّا عروض هذا الوصف أو انعدامه في وقت من الأوقات لا يوجب انقلاب حكم طبيعة الشيء عند العرف.
فلو اتّفق أنّه وجد في وقت للشيء القيمي أفراد متماثلة لا يوجب ذلك خروجه عن القيميّة عند العرف ، كما لا يخفى ، وكذلك عكسه ، مع أنّ الاشتراط
__________________
(١) شرائع الإسلام : ٣ / ٢٣٩.
(٢) جواهر الكلام : ٣٧ / ٩٥ و ٩٦.