قال بعض بأنّه ما تماثلت أجزاؤه وتقاربت صفاته (١) ، وغير ذلك من التعاريف الّتي لا تخلو كلّها عن الإشكال ، بل لا يحصل الانضباط بها.
ولمّا لم يكن خصوصيّة الزمان والمكان دخيلة في اعتبار المماثلة ، بل إنّما المدخليّة للخصوصيّات الموجبة لاتّحاد الماليّة واختلافها فأحسن التعاريف للمثلي هو : أنّه الّذي يكون له أفراد نوعيّة مماثلة معه في ما له دخل في الماليّة ، أو ما تفاوت في أفراده ما يوجب اختلاف الرغبات ، ولمّا كان الاطّلاع على ذلك موقوفا ـ على أن يكون الشيء ممّا يمكن الاطّلاع على ظاهره وباطنه حتّى تقاس الأفراد بعضها إلى الاخرى ، فيكون مثل الحيوانات قيميّا ؛ لعدم إمكان الاطّلاع على بواطنها ، مع أنّه لا إشكال في أنّ اختلاف الباطن موجب لاختلاف الرغبات والماليّة ، فلو وجد عبد مماثل من جميع الجهات مع التالف فلا يوجب ذلك وجوب ردّه عوضا عن التالف ؛ لأنّه بصرف وجود المشابه الظاهري مع عدم إمكان الاطّلاع على باطنه لا يصير الشيء مثليّا ، مضافا إلى أنّ الحيوانات غالبا في الأوصاف الظاهرة أيضا مختلفة ، اختلافا موجبا لاختلاف الرغبة ، والمصنوعات فما يصنع منها باليد فقيمي ، بخلاف ما يصنع مع الآلات والعجلات ، فإنّ في الأوّل وإن كان يمكن أن يخرج عباءات متعدّدة ـ مثلا ـ عن تحت يد استاد واحد متماثلة ، إلّا أنّ ذلك نادر ، فلا يعتمد عليه ، بخلاف الثاني مثل الساعات وغيرها الغير المنطبق عليها تعريف الاولى ؛ لأنّ نصف الساعة ليس نسبة قيمته إلى قيمة تمامها كنسبة النصف إلى ساعة صحيحة ، وأمّا هذا التعريف فيصدق عليها ، كما لا يخفى.
__________________
(١) تحرير الأحكام : ٢ / ١٣٩ ، وانظر! المكاسب : ٣ / ٢١٣.