المذكور ربّما يوجب اعتبار التمكّن الشخصي في صدق كون الشيء مثليّا وقيميّا ، وكذلك يلزم أن لا يكون للمالك حقّ مطالبة المثل ولو وجد المثل بعد التعذّر ، ولو لم يكن آخذا للقيمة بعد ، مع أنّه لم يلتزم بذلك أحد.
وبالجملة ؛ فلا وجه للاشتراط المذكور ، ولا مدخليّة للزمان والمكان في صدق المثليّة والقيميّة بعد تحقّق المناط المذكور وهو جريان العادة أن يوجد للتالف المثل بحسب الطبيعة الأوّليّة ، فالأقوى عدم خروج التالف عن كونه مثليّا ولو لم يوجد مثله عند التلف ، كما عليه السّلف (١) وجلّ الخلف.
الثانية : إذا تعذّر المثل هل للضامن إلزام المالك على أخذ القيمة أم لا ، بل له الصبر حتّى يوجد المثل؟ أمّا على مسلكنا من استقرار نفس العين على الذمّة فتستتبعه سلطنة المالك على عهدته ، ومطالبته بعين ماله ، وأنّ باب الضمان في الأحكام الوضعيّة كباب قاعدة «الميسور» في الأحكام التكليفيّة (٢) ، فما يؤدّيه الضامن عند تلف العين يكون مرتبة ممّا استقرّ على الذمّة ، ولمّا لم يمكن أداؤه بتمام مراتبه ، فيوفيه ببعض مراتبه وهو مثله أو قيمته ، فالأمر ظاهر ، لأنّه لمّا استقرّت سلطنة المالك على عهدة الضامن فلا تسقط سلطنته تلك إلّا بردّه ما على عهدته أو بتجاوز المالك برضاه عن حقّه ، وأمّا عدم تمكّنه الآن من أداء ما في ذمّته مع عدم مطالبة المالك حقّه وعدم إلزامه على أدائه ما على عهدته حتّى يصير ذلك تكليفا للضامن بما لا يطاق ، لا يوجب سقوط سلطنته ، فبمقتضى تسلّط الناس على أموالهم ، للمالك الصبر حتّى يأخذ ما هو أقرب بماله بعد تلف
__________________
(١) كما يقتضيه إطلاق كلامهم وإن لم يكن مصرّحا به في كلماتهم ، «منه رحمهالله».
(٢) القواعد الفقهيّة : ٤ / ١٢٧.