غصب المسجد
[ولا يخفى أنّه إذا كان الشيء متعلّق حقّ الانتفاع لشخص أو جماعة ولم يكن مملوكا لهم لا عينا ولا منفعة فهل يكون غصبه كغصب المملوك عينا أو منفعة بحيث تبطل صلاة الغاصب في ذلك المكان مطلقا ، وصلاة غيره إذا لم يكن جاهلا بالغصب ، أو ناسيا ، أو لا يكون كغصب المملوك؟ فإنّه معركة الآراء ، فقيل بعدم الفرق ، وقيل بالفرق وأنّ الصلاة لا تبطل إلّا فيما إذا كان مملوكا عينا أو منفعة فلا تبطل الصلاة فيما لم يكن ملكا] (١) عينا أم منفعة ، بل إنّما تعلّق حقّ انتفاعهم عنها بلا أن يثبت لهم ماليّة فيها أصلا ، ولذلك قالوا في مسألة من سبق إلى مكان من المسجد ونحوه فهو أولى به (٢) ، بأنّه لو أزعجه آخر عن مكانه فصلّى فيه تكون صلاته صحيحة ، وليس ذلك إلّا لأنّ للسابق حقّ انتفاع من الأرض بلا ثبوت ماليّة له فيها ، ولا ثبوت حكم وضعيّ لهذه الأرض بالنسبة إلى السابق ، بل إنّما أولويّته حكم تكليفي صرف ، وهو حرمة إزعاجه الغير الّذي نشأ ذلك من جهة جعل الشارع له أولويّة الانتفاع.
نعم ؛ هل يتوقّف صدق عنوان الغصب على أن تكون يد الغاصب موضوعة على المال والملك ، بحيث لو لم تكن اليد العادية واردة على ما ليس بمال لأحد
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أوردناه لتتميم البحث.
(٢) ليست المسألة اتّفاقية بل خلافيّة ، بل المشهور بطلان الصلاة ، «منه رحمهالله».