وقد يشكل هنا أيضا ؛ فيما لو كان الأصل وما يردّ من قيمة الصنعة ربويّين بأن يكون نقد البلد من النحاس فلشبهة الربا قد يقال بمنع جواز ردّ الزيادة ، ولكنّ الأمر هنا أسهل ، بمعنى أنّه ولو منعنا في الصورة الاولى الزيادة لجريان الربا في باب الغرامات فلا يلزم المنع هنا ؛ لضرورة الفرق بينهما ، وذلك لأنّ ما يؤخذ هنا من الزيادة هو في مقابل الصنعة الّتي لها القيمة عند العرف ، ولا ربط لها بالأصل ، بخلاف الصورة الاولى ، فإنّ فيها لا يقع في مقابل الزيادة شيء سوى الأصل.
أقول : لو قلنا بأنّ في باب الربا المصنوع وغير المصنوع يعدّان جنسا واحدا ، وغير منقلب عن أصله ، بمعنى لا يعدّ الصنعة أمرا زائدا على الأصل حتّى يصحّ اعتبار قيمة لها فيشكل الأمر هنا ، كما لا يخفى ، إلّا أن يقال بأنّ الممنوع منه إنّما هو في باب المعاملات فلا يجوز فيها جعل كلّ واحد منهما عوضا عن الآخر ، إلّا أن يكونا متساويين بخلاف المقام ، فتأمّل!
تأسيس الأصل عند الشكّ في المثلي والقيمي
بقي الكلام في بيان تأسيس الأصل في المثلي والقيمي فيما إذا دار الأمر بينهما عند الشكّ ، ولا يخفى أنّ الأصل في ذلك يختلف على اختلاف المسالك في باب الضمان في كيفيّته.
أمّا على ما ينسب إلى المشهور (١) من أنّ بناءهم على أنّ ما دام بقاء العين لا تشتغل الذمّة بشيء أصلا ، وإنّما الاشتغال بالمثل أو القيمة إنّما هو عند التلف ،
__________________
(١) وليس مع بقائها إلّا الحكم التكليفي المحض بوجوب الردّ والأداء ، كما صرّح به في «الجواهر» في طيّ الكلام في بدل الحيلولة (جواهر الكلام : ٣٧ / ١٣٠ ـ ١٣٣) ، «منه رحمهالله».