إحراز الاجتناب عن المعاصي وستر العيوب وحصول الظنّ والوثوق.
بقي الكلام في أنّه هل يكتفى في ثبوت العدالة بالفعل ، كما لو رأى أنّه يقتدي عادلان بشخص ، أم لا بدّ من الإشهاد والتعديل باللفظ؟
أمّا بالنسبة إلى المقام ـ أي عدالة الإمام ـ فالأقوى أنّه يكفي العمل والفعل إذا أوجب الوثوق ، ولا فرق بينه وبين القول ، حيث إنّه قد عرفت أنّ ما يعتبر هنا بالأخرة هو الوثوق والظنّ ، فحينئذ لا وجه للاختصاص بسبب دون آخر ، ولكن يشكل الأمر بالنسبة إلى سائر الأبواب كالشهادة ، حيث إنّ ظاهر أدلّتها ولزوم تصديق العادل تصديقه في شهادته وقوله ، كما أنّ أخبار العادل الّذي يلزم تصديقه ظاهرها التلفّظ فآية النبأ (١) لا تدلّ على أزيد من لزوم تصديق النبأ الّذي لا يشمل الفعل.
وأمّا مسألة تعديلات أهل الرجال وتصديق الرواة ففيه بحث عظيم ، والّذي ثبت في وجه حجيّة تعديلاتهم هو كونها من باب الظنون الاجتهادية ، ولا ربط له بمسألة الشهادة.
وبالجملة ؛ أدلّة باب الشهادة قاصرة لأن تشمل التصديق والتعديل الفعلي ، فلذلك تسرية الحكم ممّا نحن فيه إلى سائر الأبواب ممنوع ، إذ مثل ما ورد هنا من أنّه : «لا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه وأمانته» (٢) لم يرد في سائر الأبواب حتّى يكتفى فيها أيضا بكلّ ما يحصل الوثوق ، وغاية ما تثبت من الاشتراك بين عدالة المقام وسائر المقامات هو أنّها من حيث الحقيقة واحدة ، ولا فرق فيها من
__________________
(١) الحجرات (٤٩) : ٦.
(٢) وسائل الشيعة : ٨ / ٣٠٩ الحديث ١٠٧٥٠.