حيث إنّها هي الملكة الباعثة على ملازمة التقوى مطلقا ، وأمّا من حيث الطريق وأنّها تثبت بالوثوق مطلقا فلا ، فتختصّ العدالة الثابتة بالفعل بهذا الأثر فقط ، وهو جواز الجماعة ، خلفه.
اللهمّ إلّا أن يدّعى بوجود دليل في باب الشهادات بكونها تثبت بكلّ ما ينبئ عن الواقع ويكشف عن العدالة وغيرها من الامور ، فتأمّل!
ثمّ إنّه هل يعتبر المروّة في باب العدالة أم لا ، من حيث الكاشف أو المنكشف أيضا؟ هذا الأمر في المقام من المشكلات ، وذلك : لأنّ اعتبارها قد وقع في كلمات المتأخّرين (١) ولم يظهر من القدماء اعتبارهم ذلك في مفهوم العدالة ، مع أنّ الظاهر عدم مساعدة دليل لما عليه المتأخّرون.
نعم ؛ ذكر في ذلك وجها السيّد الجليل محمّد باقر الأصفهاني قدسسره في كتابه «الفقه» (٢).
وحاصله : أنّ ظاهر الفقرة الّتي في ذيل حديث ابن أبي يعفور (٣) من أنّه : «والدليل على ذلك كلّه أن يكون ساترا لعيوبه» .. إلى آخره ، هو مطلق العيوب أعمّ من العيوب الشرعيّة والعرفيّة ، حيث إنّ عدم الاجتناب عمّا هو قبيح عند الناس من مثل الأكل في السوق ونحوه يكشف عن أنّ الشخص ليس مالكا لنفسه بحيث تقاوم في مقابل مشتهياتها سرّا وعلانية.
فمن هنا يستكشف إنّا أنّ المروّة معتبرة في حقيقة العدالة وأنّ الستر
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٣٠٥ ، جواهر الكلام : ١٣ / ٣٠١.
(٢) لم نعثر على هذا الكتاب.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / ٣٩١ الحديث ٣٤٠٣٢.