المنافية لمقتضى الذات ، وعلى الثاني عدم بطلان الشروط المنافية للإطلاقات ، كما ذكره أصحابنا الثقات (١).
فالمرادُ بمقتضى الذات ما يدور تحقّق الماهيّة وصحّتها مداره وجوداً وعدماً ، بمعنى : أنّ ماهيّته لا تتحقّق إلّا بذلك ، كالتمليك في العقود المملِّكة للعين أو المنفعة أو الانتفاع ، فإنّ فواته موجبٌ لانتفائها ، فلو شرط فيها ما ينافيه بطل لمنافاته الجعل أو المراد الشرعيّين المخرجين عن الموضوع ، فيبطل التابع ببطلان المتبوع.
والمرجع في ذلك إلى الشرع في بعضٍ بملاحظة الشروط والموانع الشرعيّة ، وإلى المفاهيم العرفية في آخر ، فالوقف مثلاً الذي ذاتُه تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة يحكم العرف بفساده وإنْ وافقه الشرع ، لو لم يكن هناك عينٌ ولا منفعة ، أو لم يكن من شأنه البقاء كوقف ماء يسير في ظرف صغير لا ينتفع به إلّا بوجه حقير في وقت قصير ، أو لم يتحقّق التمليك أو لم يحبس العين ، وغير ذلك من الأُمور المنافية لذاته ومقتضى ماهيّته ، والمتوقّف تحقّق اسمه عليها ولو بمتفاهم العرف ومصطلحاته.
وكذا عقود المعاوضات الحقيقية قطعاً ، وما فيه شائبة العبادة في وجهٍ قويٍّ ظاهراً ، وقد يكون مقتضى الذات شرعيّاً ، بمعنى : كونه مجعولاً للشارع أو مراداً له وإنْ لم يحكم به العرف ، وعرفيّاً بمعنى : استقلال العرف به وإنْ حكم به الشرع ، كالتسليط على سائر التصرّفات في العقود المملّكات.
والمراد بمقتضى الإطلاق كلّ ما يترتّب على العقد من الآثار الشرعيّة واللوازم العرفيّة بعد إحراز ذاته وخلوّه من المقيّدات ، وهي الأُمور المترتّبة على العقد ، وليس لها مدخليّة في تقويم الماهيّة ، بحيث لو لم يكن كذلك لكان موضوع العقد مندرجاً تحت أدلّته ، كعدم الإِرث والنفقة في المنقطع وخيار المجلس في البيع ، وكاقتضاء إطلاق الوقف والوصيّة الاقتسام بالسويّة ولو مع الاختلاف ذكوريّة وأُنوثيّة ، واقتضاء
__________________
(١) المكاسب ٣ : ١٩ ٢٠.