والصدق أمارة المتناول.
وأمّا قوله : ( وإخفاء ما سوى ذلك أنّما هو بقراءتهما ) .. إلى آخره ، وقوله : ( وإنْ قلنا بهذا كما هو مدلول الرواية ) .. إلى آخره ، فكلاهما لنا يؤيّدان وعليه يردان ، وما أحسن الإنصات للحقّ والإنصاف ، وما أقبح التعنّت والاعتساف ، إلّا إنّ تخصيصه بقراءة الأُوليين من تناول اللفظ للأخيرتين خالٍ من الدليل ، والله يقول الحقّ وهو يهدي السبيل.
ثمّ قال مدّ الله عليه رِواق (١) النوال ـ : ( وحَسَنة عبد الله الكاهلي ، قال : ( صلّى بنا أبو عبد الله عليهالسلام في مسجد بني كاهل فجهر مرّتين ببسم الله الرحمن الرحيم ) (٢). وهذه الرواية أيضاً مشعرة بوقوع الجهر في الأُوليين خاصّة دون الأخيرتين ، ويستفاد منها وسابقتها ترك الجهر بالبسملة في السورة أو ترك السورة.
أمّا في الأُولى فلتعيين الجهر بالبسملة فيها في الفاتحة ، وأمّا الثانية فلأنّه عليهالسلام قرأ في الأُوليين كلّاً منهما بالفاتحة قطعاً وجهر بالبسملة مرّتين في الأُولى والثانية ، ولو كان جهر ببسملة السورة لكان جهر أربع مرّات.
وإنْ قلنا : إنّه جهر ببسملة السورة [ أيضاً (٣) ] كان الجهر في الركعة الأُولى دون الثانية ؛ لأنّه جهر مرّتين فقط ، فيفوت استحباب الجهر في الثانية ، وهو باطل.
وإنْ قلنا : إنّه جهر في الأخيرتين دون الأُوليين فات الجهر في الأُوليين ، وهو أبطل.
وإنْ قلنا : بأنّ الصلاة جهريّة ، فات الاستدلال بالرواية بالكلّيّة ، فلم تبقَ إلّا صحيحة صفوان (٤).
وبالجملة ، فهذه الرواية لا تعلّق لها بالأخيرتين أصلاً ، وكذا سابقتها كما عرفت ، وهما مخالفتان لقول الأكثر في إيجاب السورة ، كما سمعت من احتمالهما تركها ).
__________________
(١) الرواق : سِتر يُمدُّ دون السقف. لسان العرب ٥ : ٣٧٥ روق.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٨ / ١١٥٥.
(٣) من مخطوطة رسالة الستري.
(٤) التهذيب ٢ : ٦٨ / ٢٤٦.