مسألة في الوصية (*)
قال أيّدهُ الله وسدّده وأسعفه وأسعده ـ : ( فالمعروضُ على جنابكم المحفوظ أنّ العبد كان على سيرة مسلّمة عنده ، فناقشه بعض إخوانه في الدين وأجلّ خلّانه على اليقين ، مزرياً عليه ذلك العمل ، فجرى بينه وبينه ما جرى ، فاخترمه الأجل قبل إحكام ما فيه دخل ، ولم يكن لي بسواه انسٌ سواكم ، فما برحت أُقدّم رجلاً في سؤالكم أُؤخّر أُخرى ، ثم رأيت أنّ القدوم أحرى.
والسيرةُ المشار إليها : رجلٌ حرّ بالغ رشيد أوصى بفاضل ثلثه لذكور أولاده لصلبه ، متفاوتين فيه أو متساوين ، على أنّ مَنْ مات منهم قبل أنْ يعقب رجع حقّه من الثلث لمَنْ بقي منهم ، فإنْ انقرضوا من غير عقب رجع فاضل الثلث جميعه لجهةٍ أيّ جهة من الجهات التي يتقرّب بها العقلاء.
فأبطل ذلك الفاضل المقدّس ذلك موجّهاً : أنّ ذلك الموصى إليه بعد ملكه إليه لا سبيل للموصي عليه.
فأجبتُه : إنّ الموصى إليه ملك مشروطاً ، والوفاءُ بالشرط غير المخالف للكتاب والسنّة لا خلاف في وجوب الوفاء به.
وافترقنا على المراجعة ، وحال القضاء والقدر عن الاجتماع ، فاختار اللهُ له دار بقائه ، وأسألُ الله أنْ يحشره في زمرة أوليائه ، إلّا إنّه قدسسره أوقع الإشكال ، فالرجاء كشفُ قناع ذلك الإعضال ).
أقولُ وبالله الثقة وعليه الاتّكال ، ومنه التسديد في الأفعال والأقوال ـ : إنّ تحقيق المرام بإبرام النقض ونقض الإبرام يتوقّف على تمهيد مقدّمة لها النفعُ التامّ في كلّ مقام ، مأخوذة من تتبّع أخبار أهل الذكر عليهمالسلام وكلمات فقهائنا الأعلام ، وهي :
إنّ الوصية كسائر العقود والإيقاعات لها مقتضيات بحسب الذات ومقتضيات بحسب الإطلاقات ؛ لقبول ذاتها شرعاً للإطلاق والتقييد ، بحسب الصفات والأمكنة والأوقات وسائر الكيفيّات والخصوصيّات. ويترتّب على الاولى بطلان الشروط
__________________
(١) وردت هذه المسألة ضمن مجموعة مسائل ، وزّعناها على محالّها من الكتاب ، وهي : الثالثة ، الحادية والعشرون ، الثانية والعشرون ، الحادية والثلاثون ، بحسب ترتيب الكتاب.