« إذا كانَ بطيبةِ نفسٍ مِنْ صاحِبِه ، فلا بأسَ » (١).
وخبر عبد الرحمن بن الحجّاج ؛ وداود بن فرقد ، المرويّ في ( التهذيب ) عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قالا : سألناه عن الرجل يكونُ عنده مالٌ لأيتام فلا يعطيهم حتى يهلكوا ، فيأتيه وارثهم ووكيلهم فيصالحه على أنْ يأخذ بعضاً ويدع بعضاً ، ويبرئه ممّا كان عليه ، أبرئ منه؟ قال : « نعم » (٢).
وهما ظاهران في شمولهما لما كانا معلومين عند الجميع ، أو مجهولين كذلك.
ولا ينافيه قوله في الثاني : ( ويبرئه ممّا كان عليه ) لحملة على إرادة الإبراء عمّا كان في ذمّته واقعاً. كما لا ينافي أيضاً كونه بطريق المعاوضة التي هي محلّ الخلاف ، لتماميّة الغرض بالصلح حينئذٍ ولو قُصِد به الإبراء.
ولو فرض ظهورهما في المعلوم ، سيما أوّلهما ، أو مُنِع إطلاقُه ، بكونه مسوقاً لبيان شرطيّة الرضا في صحّة العقد ، ففي ما مرّ تمامُ النهوض بالمدّعى ، والله العالم.
الثانية : أن يكون هذا المجهول لهما ممّا يمكن معرفة قدره في الحال والمآل.
ومقتضى الأُصول فساد الصلح هنا على هذا المجهول ، مع أنَّ معرفة قدره ممكنةُ الحصول ، لأنَّ الصلح على الأشهر الأظهر عقدٌ مستقلّ من العقد الذي هو للمعاوضة المحضة مجعول ، وكلّ ما كان كذلك فلا بدّ فيه من المعرفة الرافعةِ للجهالة ، الدافعة للغرر المستلزم للضرر ، المنفيّ في الإسلام بالدليل المعتبر.
فيفسدُ باطناً وظاهراً ، ولا يفيد تمليكاً ولا إبراءً ، لتخصيص عمومات الصلح بالأدلّة الخاصّة الناصّة على فساد المعاوضة على المجهول وما فيه الغرر (٣).
ولحكومة أدلّة نفي الغرر والضرر (٤) على عموم كلّ دليل معتبر ، فلا تعارض بينها ،
__________________
(١) التهذيب ٦ : ٢٠٦ / ٤٧١ ، الوسائل ١٨ : ٤٤٦ ، كتاب الصلح ، ب ٥ ، ح ٣.
(٢) التهذيب ٦ : ١٩٢ / ٤١٧.
(٣) عيون الأخبار ٢ : ٤٥ / ١٦٨ ، غوالي اللئلئ ٢ : ٢٤٨ / ١٧ ، الوسائل ١٧ : ٤٤٨ ، أبواب آداب التجارة ، ب ٤٠ ، ح ٣.
(٤) الكافي ٥ : ٢٩٢ ٢٩٣ / ٢ ، ٦ ، الوسائل ١٨ : ٣٢ ، أبواب الخيار ، ب ١٧ ، ح ٣ ، ٤ ، ٥.