الأصليّة للأدلّةِ القويّة ، النقليّة والعقليّة.
فإثباتُ التكليف بمجرّد هذه الشبهة والالتباس ، لعلّه من الوسواسِ الخنّاس ، الذي يوسوسُ في صدورِ النّاسِ ، من الجنّة والنّاس ، لاندفاع الضررِ المظنونِ بما مرّ ، بل انهدامه من الأساس ، إذ قد انهدم بما ذكرناه ما أصَّله ، وانخرم ما أجملهُ وفصَّله.
ولكن لا بأس أنْ نشفعَ هذا المرام بتفصيل ما يقشعُ سحائب الأوهام ، ممّا يدلّ على اندراجِ هذا الفرد في الحلال ، وعدم صلوحه للانتظام في سلك الحرام ، وهو وجوهٌ ظاهرةٌ في التمام :
الأوّلُ : خصوص خبر يونس بن عبد الرحمن ، السابق ، وهو ما رواه في ( التهذيب ) بإسناده عن محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيْد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي الحسن عليهالسلام : قال : قلت له : جُعلتُ فداك ما تقول في الإربِيان؟ قال : فقال لي : « لا بأسَ ، والإربِيانُ ضَرْبٌ مِن السمَكِ » (١) .. إلى آخره.
وهذا الخبرُ صحيحٌ على الصحيح ، إذ ليس في رجاله مَنْ ينافي التصحيح إلّا محمّد بن عيسى ، ويونس بن عبد الرحمن ، وكلاهما من الوثاقة والعدالة بمكانٍ.
أمّا محمّد بن عيسى ؛ فلانحصار تضعيفهِ في ابن الوليد ، فيما تفرّد بروايته من كتب يونس ، لمّا رأى فيها من أسرار الأئمة عليهمالسلام ما يستلزم عنده الغلو.
وحيث عُلِمَ من ابن الوليد ومَنْ تبعه من القمّيّين رميُ كثيرٍ من الرواة بالغلوّ بمجرّد روايتهم ما ينافي اعتقادهم في النبيّ وآله صلىاللهعليهوآله ، ولو بنفي السهو (٢) ، لم يصحّ الاعتماد عليه وإنْ تبعه تلميذه الصدوق قدسسره ، كما هو ديدنه على ما صرّح به (٣).
وأمَّا تضعيفُ الشيخ فهو ناشئ من تضعيفهما ، وممّا ذكره من أنّه قيل : إنّه كان
__________________
(١) التهذيب ٩ : ١٣ / ٥٠ ، وفيه : ( ما تقول في أكل السمك؟ ).
(٢) الفقيه ١ : ٢٣٥ / ١٠٣١.
(٣) الفقيه ٢ : ٥٥ / ذيل ٢٤١ ، عيون أخبار الرضا ٢ : ٢١ / ذيل ٤٥.