كي يُحتاج للترجيح فيما كان العموم من وجه كما هنا ، لأنّ دليلَ نفيهما متعرّض بدلالته اللفظيّة لبيان مقدار موضوع الأدلّة العامّة ، والمحكومُ عليه المبيّن مقدار موضوعه لا ينافي الحاكم ؛ لأنّه مفسّر له بتبيين مقدار مدلوله.
وأمّا جعله من قبيل الأُصول التعليقيّة التي لا تُعارض دليلاً ، بل يقدّم عليها كلّ ما هو دليل وحجّة ، فهو توهّمٌ فاسد ، وخيالٌ كأسد ، منافٍ لظواهر الأدلّة ، وكلمات محقّقينا الأجلّة.
وكيف كان ، فلم أقِفْ في فسادِ الصلح هنا على مصرّح بالخلاف ، عدا ما في ( الجواهر ) (١) من الجزم بالصحّة ، لإطلاق الأدلّة ، الممنوع بما عرفت.
وما ردّ به استحسان ما في ( المسالك ) (٢) ، و ( الرياض ) (٣) ، وغيرهما (٤) من تقييدِ الصحة به إذا تعذّر تحصيل العلم بالكلّيّة بمنع العموم في دليل النهي عن الغرر ، فضلاً عن ترجيحه ، أو معارضته لعموم الصلح ، لا يخفى ما فيه على ذي نظر ؛ إذ لو سلّم ذلك في أدلّة نفي الغرر لا يصحّ تسليمه في أدلّة نفي الضرر.
سلّمنا اختصاص أخبار النهي عن الغرر والمجهول تبعاً للفظ الخبر ، لكن لا يجري ذلك في الإجماع إنْ تمّ كما هو الأظهر.
ودعوى إلحاق الإجارة خاصّة من دون عقود المعاوضة في اشتراط المعلوميّة بالإجماع ممنوعةٌ ، كمنع اختصاص الخبر المعتبر بالنهي عن الغرر الذي باشتهاره بين الفريقين ، وعمل الطائفة قد انجبر ؛ إمّا على ما نقل من روايته بلفظ : « نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله عن الغرر » (٥) من دون لفظ البيع ، فظاهر لكلِّ ذي نظر ، وإمّا على روايته بلفظ « البيع » (٦)
__________________
(١) الجواهر ٢٦ : ٢١٧.
(٢) المسالك ٤ : ٢٦٣ ٢٦٤.
(٣) الرياض ٥ : ٤٢٦.
(٤) التنقيح الرائع ٢ : ٢٠٢.
(٥) الخلاف ٣ : ٣١٩.
(٦) عيون الأخبار ٢ : ٤٥ / ١٦٨ ، غوالي اللئلئ ٢ : ٢٤٨ / ١٧.