ولهذا قال الشاعر :
لحنتْ لكمْ لحناً لكيما تفهموا |
|
واللحنُ يعرفُهُ ذوو الألبابِ |
ولقد أجاد فاضل ( الرياض ) (١) حيث تنظّر في هذا التضعيف ، لدقّةِ نظرِهِ الشريف.
ومثلُ هذين الخبرين في الدلالة ما عن ( الجعفريات ) بسنده إلى جعفر ، عن أبيه ، قال : « اجتمعَ في زمانِ عليِّ بن أبي طالب عليهالسلام عيدان ، فصلّى بالناس صلاةَ العيد ، ثمّ قال : أذنت لمن كان قاصياً يعني : أهلَ البوادي أنْ ينصرف إنْ أحبَّ. ثمّ راحَ فصلّى بالناس العيدَ الآخر » (٢). انتهى.
ونحوه عن ( النوادر ) ، و ( الدعائم ) (٣) ، و ( الجعفريات ) أيضاً في خبرٍ آخر.
وهذه الأخبار إن مُنِع من صلاحيّتها للتأسيس والتشييد ، لم يُمنع من صلاحيّتها للتأكيد والتأييد ، مع شيوعها في مثل هذه الأعصار بين علمائِنا الأبرار.
[ الأمر ] الثالث : إنّ العمل بهذه الأخبار أولى ؛ لاستلزامه قلّة التخصيص في عموم أدلّة الوجوب أوّلاً ، ولأنّ فيه جمعاً بينها ، وبين صحيح الحلبي ثانياً. واللهُ العالمُ.
وأمّا المسألة الثالثة : فالمشهورُ أيضاً نقلاً وتحصيلاً هو التخيير.
ويدلُّ عليه مضافاً للشهرة إطلاقُ ما رواه الصدوق رحمهالله في ( الفقيه ) عن الحلبي أنّه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم الجمعة؟ فقال عليهالسلام : « اجتمعا في زمان عليّ عليهالسلام ، فقال : مَنْ شاء أنْ يأتي الجمعة فليأتِ ، ومَنْ قعد فلا يضرّه ، وليصلِّ الظهر » (٤).
والموجودُ في الموجود من نسخه ، والمنقول عنها : « قعدَ » بالقاف لا بَعُد بالباء ليحتجَّ به على اختصاص التخيير بالبعيد.
وفي ( المقنعة ) : قال الصادق عليهالسلام : « اجتمع صلاةُ عيدٍ وجمعةٍ في زمان أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : مَنْ شاء أن يأتي [ الجمعة (٥) ] فليأتِ ، ومَنْ لم يأتِ فلا يضرّه » (٦). والظاهر أنّه صحيح
__________________
(١) رياض المسائل ٢ : ٤٦٠.
(٢) عنه في المستدرك ٦ : ١٣١ ، أبواب صلاة العيد ، ب ١٢ ، ح ١.
(٣) دعائم الإسلام ١ : ٢٣٩ ، بتفاوت. (٤) الفقيه ١ : ٣٢٣ / ١٤٧٧.
(٥) من المصدر.
(٦) المقنعة ( ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ١٤ : ٢٠١.