فرجّح شهيد ( المسالك ) (١) عدم المنافاة في هذه الشقوق بأسرها ، ووافقه عليه شيخنا الشيخ حسين رحمهالله في ( شرح المفاتيح ) ، وحكم العلّامة في ( القواعد ) (٢) في الزوجة الموكّل على طلاقها بالمنافاة في وطئها أو فعل المقدّمات بها دون السُّرِّيَّة الموكّل على بيعها ، وتوقّف في ( التذكرة ) على ما نقل عنه فيها في حكم الوطء والمقدّمات معاً.
إذا تقرّر هذا فالأقوى منافاة الوطء لا مطلقاً ، لنا على ذلك وجوه :
الأوّل : أنّ المقصود من هذا الأمر المستناب فيه قطع علاقة النكاح وهدم أساسه وقصد إعفائه واندراسه ، فيلزم من الاستنابة فيه قصد حسم تلك العلاقة بعينها وإرادة قطع وتينها ، فكما أنّ فعل الوطء في المستناب فيه موجب لوصل تلك العلاقة وتجديد أساسها كما في المطلّقة الرجعيّة ، فكذا فعله في الاستنابة فيه بلا مرية لذي رويّة ؛ لقضاء العرف بدلالته على الرغبة واختيار الإمساك ، والفرق غير معلوم كما لا يخفى على نبيل نبيه درّاك.
الثاني : أنّ الطلاق من الأُمور الشرعيّة الموقوفة الصحّة على زوال المانع ، ومن جملة الموانع هنا تدنيس طهر الطلاق بالوقاع ، كما وقع عليه الإجماع ، فإذا فعل بها الفعل المانع منه عقيب الوكالة ، كان كالعزل للوكيل بلا محالة.
الثالث : قضاء العرف بأنّ الزوج نفسه ، إذا عزم الطلاق باعتزالها مدّة الطهر المراد فيه الفراق ثمّ قاربها فيه ، كان دليلاً على إرادة الوفاق ، وإضراباً عن قضيّة الفراق وإن عزمه بعد حين ، فيجري ذلك في وكيله بلا تمحين إجراء محكم الأصل في الفرع ، من باب تنقيح المناط المقطوع بحجيّته عند جمع من أفاضل المحدّثين والمجتهدين (٣).
الرابع : أنّ العزم على الفعل والعدول عنه من الأُمور الباطنيَّة والقصود الجَنانيَّة الَّتي لا يظهر أثرها ، ولا يحصل الاطّلاع عليها إلّا بما يدلّ عليها من الأُمور الظاهريّة
__________________
(١) المسالك ٥ : ٢٤٨.
(٢) قواعد الأحكام ١ : ٢٥٨ ، ( حجري ).
(٣) الوافية في أُصول الفقه : ٢٣٦ ٢٣٨.