المحسنين ، وإلّا لبّى عنه بعد أن يلبسه الثوبين ، ثمّ يحضره الموقفين ، ويكمل به أفعال الحجّ على التمام ، ويجنّبه تروك الإحرام.
فإنّ استمرّ به ذلك إلى تمام أفعال الحجّ ، فأجره لوليّه كما أتى به النصُّ عن الحُجَج ، ولا يلزم تركّب العبادة من الوجوب والندب ، حيث إنّ العمرة جزء من الحجّ ودخولها فيه [ الحديث (١) ] المشهور ، وقد نوى فيها الوجوب لجواز اختلاف الأحكام باختلاف الجهات والحيثيات ، كصلاة من بلغ في أثناء الصلاة ؛ فإنّ أوّلها على الاستحباب وآخرها على الإيجاب ، إلى غير ذلك من الأحكام التي لا تخفى على ذي التتبّع التامّ.
وإن أفاق بعد الإحرام به قبل الموقفين أو أحدهما ، صحّ حجّه وأجزأ عن حجّ الإسلام على المشهور والمذهب المنصور ، بل ادّعى عليه علّامة ( التذكرة ) (٢) الإجماع ونفى فيه النزاع ، فإنّ تمّ فهو المستند الحقيق بالتحقيق ، وإلّا فلا دليل عليه من النصوص بالخصوص سوى الأخبار (٣) الواردة في العبد إلحاقاً له به من باب اتّحاد الطريق. واستدلّ عليه العلّامة ـ (٤) رفع الله مقامه بأنه زمان يصحّ إنشاء الحجّ فيه بالجملة ، فيكون مجزياً وعن استئناف الحجّ كافياً ، فلا بدّ من تجديد نيّة الوجوب لباقي الأفعال كما في صوم يوم الشكّ بنيّة شعبان بعد ظهور كونه من شهر رمضان.
وتردّد المحقّق (٥) في الإجزاء ، ولعلّه لعدم خصوص المستند أو عدم اختياره إجزاء الندب عن الفرض على القول الغير المعتمد ؛ فإن كان الأوّل فلا بأس به ولا إشكال ، وإن كان الثاني فللنظر فيه مجال.
أمّا لو لم يُفق إلّا بعد الموقفين ، تطوّع بباقي الأفعال ووجب عليه بعد ذلك الحجّ بلا مين. هذا على فرض إحرام الوليّ به ، فإن لم يكن كذلك لعدم وجوده هنالك ؛ فإن أفاق في وقت يتمكّن فيه من إدراك الحجّ بالشروع فيه ، وجبَ التلبُّس به وتلافيه ، وإلّا
__________________
(١) في المخطوط : ( الحديث ).
(٢) عنه في المسالك ٢ : ١٢٣ ١٢٤.
(٣) الوسائل ١١ : ٥٣٥٢ ، أبواب وجوب الحج وشرائطه ، ب ١٧.
(٤) المنتهى ٢ : ٦٥٠.
(٥) المعتبر ٢ : ٧٤٩.