تطوَّع بباقي الأفعال وحجّ بعد ذلك بلا إشكال ، وصارت عمرته المتمتَّع بها مفردة ؛ لكونها عن الحجِّ مجرَّدة. لكن هل تحتاج حينئذٍ إلى طواف النساء أم لا؟ وجهان بل قولان لعلمائنا الأعيان :
فللأوّل صيرورتها مفردة وهو من أفعالها المحدّدة.
وللثاني حصول التحلّل بالتقصير ، فلا تحتاج إليه ولا ينبئك مثل خبير.
والأوّل أوْلى وأحوط ، والثاني أظهر وأضبط ؛ لأنّ صيرورتها مفردة مجازي باعتبار [ أنّ (١) ] تجرّدها عن الحجّ حقيقي.
ثمّ الوليّ : من له ولاية المال كالأب والجدِّ والوصيِّ والحاكم الشرعيِّ ، والأولى بالميراث ، أو الأشد علاقة؟ أقوال ، أقواها الأوّل الذي عليه المعوّل ؛ لأنّ لهم ولاية المال فلهم ولاية الإذن في الحجّ ، مضافاً إلى دلالة إطلاق النصوص عليه.
ولا يصحّ أن يقال : إنّ مَن هذا شأنه كالمحصور ؛ لعدم صدق الاسم عليه شرعاً ، إذ المحصور من عاقه المرض بعد الإحرام مع كون عقله في حيِّز التمام عن دخوله مكّة لإكمال أفعال العمرة والإتمام ، أو عن الوقوفين بعد الإحرام بالحجّ ، كما عن المصطفَين الحجج. والمسؤول عنه ليس من هذا القبيل كما لا يخفى على النبيه النبيل.
وأمّا تكليفه بنفسه لو برئ بعد أيّام الحجّ ، فهو بالخيار بين الإقامة بمكّة إلى أيّام الحجّ ، أو الخروج إلى بلده أو غيرها ثمّ الرجوع للإتيان بالحجّ. هذا مع استقرار الحجّ في ذمّته قبل هذا العامّ وحصول التفريط والتسويف في تلك الأعوام.
أمّا لو كان هذا العارض في عام الاستطاعة قبل الاستقرار ، رُوعي في الوجوب الاستطاعة الشرعيّة اللاحقة ولا عبرة بتلك السابقة.
هذا ما يستفاد من ظواهر الأخبار وفتاوى العلماء الأخيار ، بحسب ما اقتضاه الفكر العليل والنظر الكليل ، فإن حصَلَ الاتّفاق فمرحباً بالوفاق وكان من توفيق الخلّاق ،
__________________
(١) زيادة اقتضاها السياق.