مع وجود النجاسة في ثوبه ، لا يتم إلّا على القول بأنّ طهارة ثوب المصلّي شرط علمي لا شرط واقعي ، والله العالم.
وأمّا القاعدة الثانوية ، فمقتضى قوله عليهالسلام : « لا تعاد » (١) .. إلى آخره عدم وجوب الإعادة ، إلّا إذا كان ما صلّى فيه نجس العين وقلنا بأنّ المراد بالطهور ما يشمل الطهارة من الخبث ، فإنّه حينئذ يجب الإعادة. لكن قد عرفت أنّ الوجه كون المراد بالطهور خصوص الطهارة الحدثية ، إلّا إنّ مقتضى رواية ابن بكير (٢) السابقة الإعادة مطلقاً ، بناءً على أحد الاحتمالين فيها فإنّها تحتمل وجهين :
الأول : كون المراد منها بيان شرطيّة كون اللباس ممّا أحلّه الله لصحة الصلاة ، على حدّ قوله عليهالسلام : « لا صلاة إلّا بطهور » (٣) ، فتكون حينئذ رواية : « لا تعاد » حاكمة عليها ، كحكومتها على : « لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب » (٤) ، فيتّجه العمل برواية : « لا تعاد ».
الثاني : كون المراد بيان حكم الصلاة المفروضة الوقوع، وبيان أنّ الصلاة الواقعة فيما حرّم الله لا تقبل حتى تعاد فيما أحلّ الله، وليس المراد أنّ إعادة الصلاة فيما أحلّ الله ، توجب قبول تلك الصلاة الواقعة في المحرّم ؛ لأنّ الصلاة فيه غير صالحة للقبول أصلاً، وإنّما المراد أنّ الشغل بالصلاة لا يرتفع حتى تصلي تلك الصلاة في المحلّل، فيكون ما بعد « حتى » غاية لِلَازم ما قبلها لا لنفسه؛ لأنّ لازم عدم قبول الصلاة في المحرّم بقاءُ الشغل بالصلاة.
وعلى تقدير إرادة هذا المعنى من الرواية تعارض رواية : « لا تعاد » ؛ لأنّ مقتضاها عدم وجوب الإعادة ، ومقتضى تلك الرواية الوجوب ، وهما من قبيل العامتين من وجه ؛ لأنّ رواية : « لا تعاد » أعمّ ؛ لشمولها للصلاة في المحرّم وغيره ، وأخصّ
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢٥ / ٩٩١ ، الوسائل ١ : ٣٧١ ، أبواب الوضوء ، ب ٣ ، ح ٨.
(٢) الكافي ٣: ٣٩٧/١، التهذيب ٢: ٢٠٩ /٨١٨ ، الوسائل ٤: ٣٤٥ ، أبواب لباس المصلي، ب ٢، ح ١.
(٣) التهذيب ١ : ٤٩ / ١٤٤ ، ١ : ٢٠٩ / ٦٠٥ ، الوسائل ١ : ٣١٥ ، أبواب أحكام الخلوة ، ب ٩ ح ١ ، و ١ : ٣٦٥ / أبواب الوضوء ب ١ ، ح ١ ، ١ : ٣٦٨ / أبواب الوضوء ب ١ ، ح ٣ ، الاستبصار ١ : ٥٥ / ١٦.
(٤) الكافي ٣ : ٣١٧ / ٢٨ ، الوسائل ٦ : ٣٧ ، أبواب القراءة في الصلاة ، ب ١ ، ح ١ ، صحيح البخاري ١ : ٢٦٣ / ٧٢٣ ، صحيح مسلم ٤ : ١٠٠ ، بتفاوت يسير في الجميع ، المعجم الأوسط ٣ : ١٣٧ / ٢٢٨٣.