امتثاله بالمأتي به أوّلاً ، فيكون معنى الأمر بالإعادة حينئذ أنّ الشارع أوجب على المكلّف الإتيان بالفعل مرة أُخرى بعد أنْ فعله صحيحاً ، ولا مانع من أمر الشارع بتكرير الفعل. ولعلّ الغرض منه مع فرض وقوعه على الوجه الصحيح تدارك النقصان الواقعي وإنْ وقع صحيحاً ، كما أمر الشارع بإعادة الصلاة فرادى جماعةً على جهة النّدب ، وكما يستحب للإمام إعادة صلاته ليأتم به الغير ، مع أنّ الصلاة في هذين الموضعين وأشباههما وقعت صحيحة ؛ لأجل تحصيلِ غرضٍ لم يحصل في المرة الأُولى ، وكما أذن الشارع لمن ذكر قبل الركوع أنّه نسي الأذان والإقامة في قطع الصلاة للإتيان بهما مع مشروعية الدخول في الصلاة ، وصحة الجزء المأتي به.
وقد ورد في مثل الموارد المأمور بإعادة الصلاة فيها
إنّ الله يختار أحبّهما إليه (١)
مع أنّه لا ريب في أنّ كلّاً منهما وقع صحيحاً ، فلعلّ ما نحن فيه من هذا القبيل. ونظير ذلك من الواجبات الحجّ إذا أُفسد في الأثناء فإنّ الشارع أوجب إتمامه ثمّ الإتيان به مرّة أُخرى ، وقد جنح بعضٌ إلى أنّ الأوّل فرضه والثاني عقوبة ، فيكون نظيراً لما نحن فيه.
وفيه : أنّ الالتزام بإرادة الشارع في موارد الإعادة صلاتين مستقلتين كل منهما تكليف مستقل بعيد جدّاً ؛ لأنّ الظاهر من الأمر بالإعادة كون الإتيان بالفعل ثانياً لبقاء الأمر الأوّل لا لأمر جديد ، وإنّ الأوّل سقط ، مع أنّه يلزم على ذلك التقدير أنّه إذا احتاجت الصلاة الثانية إلى الإعادة وكذا الثالثة والرابعة أنْ يكون المكلّف مأموراً بخمس فرائض ظهر ، وهو كما ترى.
الثالث : أنْ يقال : لا منافاة بين الأمر بالإعادة والقول بالإجزاء ليرتكب التخصيص أو غيره ؛ لأنّ ظاهر القائلين باقتضاء الأمر الظاهري الإجزاء ، البناء على أنّ الأصل في الشرائط أنْ تكون علمية ، بمعنى أنّ ذاتها ليس شرطاً في صحة العبادة بحيث لو لم تتحقق في الواقع لم تكن العبادة صحيحة ، بل الشرط في صحة العبادة إنّما هو عدم
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٧٠ / ٧٧٦ ، الوسائل ٨ : ٤٠٣ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ٥٤ ، ح ١٠ ، باختلاف.