وأمّا الكلام في المقام الثاني ؛ فالكلام فيه تارة بحسب القاعدة الأوّليّة ، وأُخرى بحسب القاعدة الثانوية :
أمّا الأُولى فمقتضاها وجوب الإعادة والقضاء ؛ لأنّ القول بالإجزاء خلاف مقتضى أدلّة الطرق ؛ لأنّ مقتضاها أنّ اعتبار الطرق ليس إلّا لكونها أمارة على الواقع ، فإذا انكشف مخالفتها له كان مؤدّاها بمنزلة العدم. مع أنّه يرد على القول بالإجزاء إشكال آخر ، وهو أنّ مقتضى القول بالإجزاء ، جعل الشارع مؤدّى الطرق بدلاً من الواقع وقائماً مقامه ، فإذا امتثله المكلّف فكأنّه امتثل الواقع ، فكما أنّ امتثال الواقع يُسقط الأمر فكذا امتثال مؤدّى الطرق. فلا وجه حينئذ للأمر بالأمارة في بعض الموارد المنكشف فيها فقدان ما أتى به المكلّف لبعض ما اعتبر فيه بعد أنْ دخل فيه بأمر من الشارع ، كالخَمس التي أمر الشارع بإعادة الصلاة بنسيان أحدها. ويمكن توجيهه بأحد أُمور :
الأول : أنْ يقال : إنّ الحكم بالإجزاء بناءً على أنّ مقتضى أدلّة الطرق أنّ كلّ ما قامت عليه الأمارة بدل عن الواقع. وهذا الحكم الكلّي قابل للتخصيص ، فيخصّص بالأوامر الدالة على وجوب الإعادة في المواضع الخاصة ؛ لأنّ مقتضاها عدم ثبوت البدليّة لمواردها عن الواقع ، فيخصّص عموم بدليّة مؤدّى الأمارة عن الواقع ، ولا ضير فيه.
وفيه : أنّه يستلزم عدم جواز الدخول في الصلاة ، مع الشكّ في حصول الشرائط التي أمر الشارع بإعادة الصلاة من جهتها ، وإنْ قامت الأمارة على وجودها ؛ لأنّ المفروض أنّه إنّما رخّص في العمل على طبق مؤدّى الأمارة مع عدم إحراز الواقع ، من جهة أنّه جعل مؤدّاها بدلاً عن الواقع. فإذا دلّ الدليل على عدم البدلية في بعض الموارد ، فلا وجه حينئذ للدخول مع عدم إحراز الشرائط في الواقع ؛ لأنّه يدخل فيما لم يكن في نفس الواقع ولا بدله ، مع أنّه لا إشكال في جواز الدخول في مؤدّى الأمارة مطلقاً.
الثاني : أنْ يقال : إنّ الأمر بالإعادة أمرٌ آخر لا ربط له بالأمر الأول ، وإنّ الأوّل حصل