العلم بانتفائها ، وأنّ العلم بانتفائها مانع من صحتها. وكأنّ مستندهم إطلاق الأوامر وأصل البراءة ، بمعنى أنّ الأمر إنّما تعلق بالعبادة على وجه الإطلاق ، فيكون مقتضى إطلاقه حصول الامتثال بالجامع والفاقد ، قصارى ما ثبت من أدلّة الشرائط أنّها شرط في صورة العلم ، بمعنى أنّ عدم العلم بانتفائها شرط في صحة المأمور به ، وأنّ ما علم بانتفائها عنه خارج عن الإطلاق لحصول المانع من الصحّة وهو العلم بالانتفاء ، فيبقى ما شك في انتفائها عنه داخلاً في الإطلاق فيكون صحيحاً واقعاً لحصول شرط صحّته ، ويكون الحكم بعدم الإعادة لو انكشف بعد الفراغ عدم حصولها حين العمل لحصول المأمور به الواقعي.
وأمّا إذا أمر الشارع بإعادة الصلاة من أجل شيء ، فيكون دليلاً على أنّ ذلك الشيء شرط واقعي على خلاف مقتضى الأصل في الشرائط.
فإن قيل : مقتضى ذلك كون الحكم بعدم الإعادة إنّما هو لحصول المأمور به الواقعي ، فيكون الإجزاء مستفاداً من الأمر الواقعي لا الظاهري ، فلا وجه لقولهم : إنّ الأمر الظاهري يقتضي الإجزاء مع أنّه لا وجه حينئذ للتمسك لإحراز الشرائط بشيء من الأمارات ؛ لأنّ الشرط حينئذ هو عدم العلم بالانتفاء وهو حاصل بدون الرجوع إلى الأمارة.
قلنا : لا نمنع أنّ المقتضي للإجزاء حينئذ الأمر الواقعي ، إلّا إنّه قد يحصل أصل يقتضي حصول المانع من صحة المأمور به ، كما إذا شك في كون الثوب نجساً بعد أن عُلمت نجاسته في السابق ، كان مقتضى الاستصحاب النجاسة ، وهو أمارة شرعية مؤدّاه كالمعلوم. فكما أنّه إذا علم بالنجاسة وجداناً لم يجز له الدخول في الصلاة للعلم بالمانع وهو عدم الطهارة ، كذلك إذا علم بها شرعاً بمقتضى الاستصحاب ، فإذا حصلت أمارة كالبيّنة مثلاً على ارتفاع المانع وحصول الطهارة ، حكم بصحة الصلاة في الواقع لحصول شرطها وهو عدم العلم بانتفاء الطهارة.
لكن حصل ذلك بملاحظة الأمر الظاهري وهو وجوب العمل بمؤدّى البيّنة ،