بن معاوية العجلي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ليس لله على خلقه أن يعرفوا قبل أن يعرّفهم ، وللخلق على الله أن يعرّفهم ، ولله على الخلق إذا عرّفهم أن يقبلوه (١).
حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن جدّه أحمد بن أبي عبد الله ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبان الأحمر ، عن حمزة بن الطيّار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال ، قال لي : اكتب ، فأملى عليّ : إنّ من قولنا : إنّ الله يحتجّ على العباد بما آتاهم وعرّفهم ، ثمّ أرسل إليهم رسولا وأنزل عليهم الكتاب فأمر فيه ونهى ، أمر فيه بالصلاة والصوم فنام رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الصلاة ، فقال : أنا أنيمك وأنا اوقظك فاذهب وصلّ ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون ، ليس كما يقولون : إذا نام عنها هلك ؛ وكذلك الصيام أنا امرضك وأنا اصحّحك فإذا شفيتك فاقضه. ثمّ قال أبو عبد الله عليهالسلام : وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق ولم تجد أحدا إلّا ولله عليه الحجّة وله فيه المشيئة ، ولا أقول : إنّهم ما شاءوا صنعوا. ثمّ قال : إنّ الله يهدي ويضلّ. وقال : وما امروا إلّا بدون سعتهم ، وفي كلّ شيء أمر الناس به فهم يسعون له ، وكلّ شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم ، ولكنّ أكثر الناس لا خير فيهم. ثمّ قال : ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ ) فوضع عنهم ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ... ) الآية (٢) فوضع عنهم لأنّهم لا يجدون (٣) *.
______________________________________________________
* قال المصنّف قوله عليهالسلام : « إنّ من قولنا ... الخ » قصده عليهالسلام أنّ الله تعالى وسع على الناس في أوامره ونواهيه وكلّفهم دون طاقتهم ، فبطل ما قالته المعتزلة والأشاعرة : من أنّ الله تعالى كلّفهم بالنظر والفكر في تحصيل معرفة الله ومعرفة الرسول صلىاللهعليهوآله (٤).
أقول : لا منافاة بين الحديث وبين ما نقله عن المعتزلة والأشاعرة ـ وهو المعروف أيضا من اتّفاق علماء مذهب الشيعة ـ وذلك لأنّ الله سبحانه خلق للعبد موادّ المعرفة وهيّأها له ، فلم تبق له حجّة في التقصير عن تحصيلها حيث صارت في مقدوره ، وبهذا المعنى صحّ استناد ذلك
__________________
(١) التوحيد : ٤٠٠ ، ح ٧.
(٢) التوبة : ٩١ ـ ٩٢.
(٣) التوحيد : ٤٠٢ ، ح ١٠.
(٤) قاله الماتن قدسسره في هامش الكتاب.