والدليل السابع : التوقيع المنقول بطرق واضحة ـ كما سيجيء بيانه ـ المشتمل على قول إمام الزمان ناموس العصر والأوان ـ سلام الله عليه ـ « وأمّا الوقائع الحادثة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنّهم حجّتي عليكم » (١) وأنا حجّة الله عليهم ونظائره من الروايات.
والدليل الثامن : قولهم عليهمالسلام : هذا العلم عليه قفل ومفتاحه المسألة (٢).
والدليل التاسع : مبنيّ على دقيقة شريفة تفطّنت لها بتوفيق الله تعالى ، وهي أنّ العلوم النظرية قسمان :
قسم ينتهي إلى مادّة هي قريبة من الإحساس ، ومن هذا القسم علم الهندسة والحساب وأكثر أبواب المنطق ، وهذا القسم لا يقع فيه الاختلاف بين العلماء والخطأ في نتائج الأفكار. والسبب فيه : أنّ الخطأ في الفكر إمّا من جهة الصورة وإمّا من جهة المادّة ، والخطأ من جهة الصورة لا يقع من العلماء ، لأنّ معرفة الصورة من الامور الواضحة عند الأذهان المستقيمة ، ولأنّهم عارفون بالقواعد المنطقية وهي عاصمة عن الخطأ من جهة الصورة. والخطأ من جهة المادّة لا يتصوّر في هذه العلوم لقرب مادّة الموادّ فيها إلى الاحساس.
وقسم ينتهي إلى مادّة هي بعيدة عن الإحساس ، ومن هذا القسم الحكمة الإلهية والطبيعية وعلم الكلام وعلم اصول الفقه والمسائل النظرية الفقهية وبعض القواعد المذكورة في كتب المنطق ، كقولهم : « الماهيّة لا يتركّب من أمرين متساويين » وقولهم : « نقيض المتساويين متساويان » ومن ثمّ وقع الاختلاف والمشاجرات بين الفلاسفة في الحكمة الإلهية والطبيعية وبين علماء الإسلام في اصول الفقه والمسائل الفقهية وعلم الكلام وغير ذلك من غير فيصل. والسبب في ذلك ما ذكرناه : من أنّ القواعد
______________________________________________________
وجب على الرسول صلىاللهعليهوآله التنبيه بالصريح على ذلك والتحذير منه بالخصوص ولم يكتف بما وقع في القرآن ، لأنّه مخصوص بمحالّه لا يتعدّاها إلى جميع الأحوال ، وإلّا لما جاز التعويل على الظنّ أبدا في كلّ الأحكام وبطلانه ظاهر.
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٤٧٠.
(٢) الكافي ١ : ٤٠ ، ح ٣.