وذكر الفاضل المتبحّر المعاصر بهاء الدين محمّد العاملي في كتاب مشرق الشمسين : المعتبر حال الراوي وقت الأداء لا وقت التحمّل ، فلو تحمّل الحديث طفلا أو غير إماميّ أو فاسقا ثمّ أدّاه في وقت يظنّ أنّه كان مستجمعا فيه لشرائط القبول قبل ، ولو ثبت أنّه كان في وقت غير إماميّ أو فاسقا ثمّ تاب ولم يعلم أنّ الرواية عنه هل وقعت قبل التوبة أو بعدها لم تقبل حتّى يظهر لنا وقوعها بعد التوبة.
فإن قلت : إنّ كثيرا من الرواة ـ كعليّ بن أسباط والحسين بن يسار ، وغيرهما ـ كانوا أوّلا من غير الإماميّة ثمّ تابوا ورجعوا إلى الحقّ والأصحاب يعتمدون على حديثهم ويثقون بهم من غير فرق بينهم وبين ثقات الإماميّة الّذين لم يزالوا على الحقّ ، مع أنّ تاريخ الرواية عنهم غير مضبوط ليعلم أنّه هل كان بعد الرجوع إلى الحقّ أو قبله ، بل بعض الرواة ماتوا على مذاهبهم الفاسدة من الوقف وكانوا شديدي التصلّب فيه ولم ينقل رجوعهم إلى الحقّ في وقت من الأوقات أصلا ، والأصحاب يعتمدون عليهم ويقبلون أحاديثهم كما قبلوا حديث « عليّ بن محمّد بن رباح » وقالوا : إنّه صحيح الرواية ثبت معتمد على ما يرويه (١) وكما قبل المحقّق في المعتبر رواية « عليّ بن أبي حمزة » عن الصادق عليهالسلام معلّلا ذلك بأنّ تغيّره إنّما كان في زمن الكاظم عليهالسلام فلا يقدح فيما قبله (٢) وكما حكم العلّامة في المنتهى بصحّة حديث « إسحاق بن جرير » (٣) وهؤلاء الثلاثة من رؤساء الواقفية.
قلت (٤) : المستفاد من تصفح كتب علمائنا المؤلّفة في السير والجرح والتعديل :
______________________________________________________
وهذه حاله وأمثاله في الرواة كثيرة ، فكيف يوثق بصحّة كلّ الأحاديث؟
والشيخ في التهذيب روى أحاديث متعدّدة في أسانيدها « عليّ بن حديد » وقال :
إنّ عليّ بن حديد ضعيف لا يعوّل على ما يتفرّد بنقله وقد رويت عنه عدّة أخبار (٥).
فعلم أنّ ما يقوله المصنّف لا مجال لصحّته وقبوله بوجه من الوجوه ؛ وقد سئمت النفس من تكراره وتعليله لصحّة دعواه بما لا يزيد إلّا خطأ وفسادا.
__________________
(١) النجاشى : ٢٥٩ ، الرقم ٦٧٩.
(٢) المعتبر ١ : ٦٨.
(٣) المنتهى ٢ : ٣١٠.
(٤) استطراد كلام الشيخ البهائي قدسسره.
(٥) التهذيب ٧ : ١٠١ ، ح ٤١ ، باب بيع الواحد بالاثنين.